متزوج وأشعر بشذوذ تفكيري
أنا شابٌّ متزوِّج، ولديَّ طفلان، لديَّ مشكلة في ميولي الذَّكريِّ لِجِنسي، هذه المشكلة منذ البلوغ، ولم أستَطِع التخلِّيَ عنها مع كلِّ المُحاولات، مع أنَّنِي متديِّن، وأخاف الله.
أرجوكم أعطوني حلاًّ، والله ولِيُّ التوفيق
الجواب
مرحبًا بك في (شبكة الألوكة) وأهلاً وسهلاً.
قرأتُ رسالتَك، وأشكر لك هذه الرَّغبة في التَّغيير والتخلُّص من هذه المشكلة، أمامك الكثيرُ من العمل الجادِّ، واحذر من الاستسلام؛ لأنَّه الطريق إلى الهاوية، أسأل الله العظيم لك الثَّبات والهداية.
هناك عددٌ من الوسائل المهمَّة للتغيير، وأوَّلُها البصيرة، والإقرار بأنَّ هناك مشكلةً، وتحتاج إلى حلٍّ، ومع بَذْل الجهد ستَصِل إلى نتائج جيِّدة بِمَشيئة الله تعالى.
ومن هذه الوسائل أيضًا:
أولاً: التعرُّف على المثيرات، وهنا أوَدُّ منك أن تُحدِّد بالضَّبط ما الذي يُشْعِل فتيل الرَّغبة لديك؛ (الخلوة، العناق، المواقع الجنسيَّة، الخيالات التي تسبق اللِّقاء، لقاء فلان..) وغير ذلك من مثيرات؟ اجْعَلها واضحةً أمامك، اكتُبْها، وقُمْ بالعمل بِجِدٍّ على تلافيها والبُعْد عنها، تَخيَّل لو أنَّ مكانًا انتشر فيه وباءٌ فتَّاك، هل تعتقد أن يزورَه شخصٌ عاقل، سنبتعد عنه جميعًا مَهْما خسرنا في سبيل ذلك، وهذا تمامًا ما يجب أن تبدأ فيه.
ثانيًا: هجران أصدقاء السُّوء جملة وتفصيلاً، وهجران المكان الذي كنت تَرْتاده، والهجران الكاملُ لكلِّ ما يدلُّ أو يُذَكِّر بذلك الفعل، لاحِظْ أنَّ هذا أمر سلوكِيٌّ ستقوم به، حتَّى لو لم تكن راضيًا عنه، وهو قرارٌ يحتاج إلى العزيمة والحِرْص.
ثالثًا: القدرة على خَلْق صداقاتٍ صحِّيَّة مع أشخاص أسوياء ومُلْتزمين، هذه الصَّداقة تَحْمي من الوقوع في الحرام، وتشدُّ من عزيمتك على الثَّبات، لا تُصَدِّق أنَّ شخصًا يُمكن أن يعيش وحيدًا دون أصدقاء.
رابعًا: تطوير شعورٍ تنفيريٍّ من هذا الفعل، وهذا ما يقوم به بعض الْمُعالجين، وهو فعَّال، ويُمكنك أن تقوم به بنفسك، حيث يقوم الشَّخص باستدعاء الشُّعور بالإثارة من الجِنْس المثليِّ، وفي قمَّة هذا الشعور يتلقى مثيرٌ منفِّر كدواء يسبب الغثَيان، أو مثير مؤْلِم أو غير ذلك، ويُمكنك أن تقوم بذلك عَبْر العمل التخيُّلي في رَبْط هذه المشاعر بصور مقزِّزة ومؤْلِمة، وهذا يُفيد في تخفيف الرَّغبة والاندفاع نحو تلك الْمَشاعر غير السويَّة.
خامسًا: تطوير قدرتك على التحكُّم في السُّلوك، عندما أجِدُ مالاً في مُتناول يديَّ أو عندما أكون في مَتْجَر دون رقابة، تأتيني رغبة للاستيلاء على ذلك المال والاستمتاع به، أو سرقة شيءٍ من ذلك الْمَتجر، هذا طبيعي، لكنَّنا نقوم على الفور بِحَبس أنفُسِنا ومنْعِها من الاندفاع نحو ذلك الفعل، ومع الوقت أصبحَتْ قدرتُنا على التحكُّم في أنفسنا أفضل وأقوى، نفعل ذلك عَبْر تذَكُّر أشياء كثيرة، مثل: العقوبة الربَّانية، وغضَبِ الله منَّا، كما نتذكَّر تعَبَ هذا الرَّجل في تحصيل مالِه وغير ذلك.
قُم أنت بِنَفْس الأمر عبْرَ تذكُّر غضب الله تعالى من هذا الفعل، ورِضاه عن كلِّ مُحاولة لِحَبْس النَّفس، وتذكَّر ثقتك بنفسك وثقتَك بتوجيه حياتك والتحكُّم في نفسك.
سادسًا: لا تتحدَّث عن الرغبة نحو الجنس الآخر، وعلى كلِّ حالٍ احْمَد الله أنَّك متزوِّج، وتجد فرصة للتَّخفيف من ضغط الشَّهوة الجنسيَّة، وهذا مُساعد بشكل كبير في ضبط النَّفس، وتطبيق الأمور السابقة، ومن جهة أخرى أريد منك أن تَقْضي كلَّ يوم عشر دقائق وأنت تَحْمد الله على منْحِكَ أسرة جميلة، وتستمتع بِرَوعة الأطفال والسَّكينة في وجود الزَّوجة، هذه المشاعر قابِلَة للتطوُّر، وتحتاج إلى مُمارستها؛ حتَّى تَنْضج أكثر.
سابعًا: التحسُّن المرجوُّ لا يتمُّ فجأة، بل مع بَذْل الجهد والْمُحاولات المستمرَّة ستَشْعر بالتحسُّن شيئًا فشيئًا إلى أن تتخلَّص من هذه الْمُيول بِمَشيئة الله، لا تتوقَّف أبدًا، واملأ نفْسَك بالأمل والرَّجاء، وتذكَّر كم من حالةٍ شُفِيَت من ذلك وتعيش حياة طيِّبة بعد مُعاناة طويلة.
ختامًا: انتبه لوساوس الشَّيطان وصَحْبِه في حَثِّك على ترك الصلاة أو الصيامِ أو قراءةِ القرآن بسبب هذا الميل الشاذِّ، مهما كان الأمر سيِّئًا يجب ألاَّ تتوقَّف عن هذه الواجبات المفروضة.
إن الالتزام بالطاعات يَمْنحنا الأمل نَحْو العودة، وهو الأمر الأكثر أهَمِّية؛ لكي نُواصل الْمُحاولة وتَحْقيق النَّجاح في سبيل التغلُّب على مثْلِ هذه المشكلات.
المصدر : الألوكة