في الشات تعرفت على شاب ، كيف أسيطر على مشاعري ؟
مشكلتي لم تَعُد شيئًا غريبًا، فأنا أقضي وقتًا ليس كثيرًا بغرف الشات إلى أن تعرفت على شاب أكبر مني بعشر سنوات، لم أهتم به؛ لكوني سأتخذ علاقتي به مجرد مناقشات، وكان يودّ نصحي بالخروج من الشات، ويحاول أن يقنعني بأن ما نقوم به خطأ، وشكوت له همومي في يوم كنت محتاجة جدًّا لأن أخرج ما في بالي من هموم صعبة أواجهها مع أهلي وأبي، والمتاعب النفسية التي تواجهنا.. كنت أشكو له كأخ.. بعدها صارحني بأنه يحبني.. وهذا آخر ما كنت أتوقعه منه.. دارت ببالي هواجس أنه يتلاعب معي ويتسلى.
مر تقريبًا أكثر من ثلاثة أشهر.. أراني خلالها صورته، لكن لا أعلم ما الغرض من أن يريني إياها؟ وأراد أن يسمع صوتي لكني رفضت، مع أني كنت أشعر نحوه بعاطفة لا أستطيع أن أقول إنها حب؛ فأنا في سن المراهقة ولا أعرف مدى مشاعري هذه..
بدأ أسلوبي معه يتغير؛ لأني لا أريد أن تكون علاقتي به مجرد كلام، فأنا أريد معرفة ما يريد أن يتوصل إليه.. هل هو مجرد حب فقط على النت أم أنه لا يريد أن يصل بحبه المزعوم بر الأمان.. أنا الآن أفكر في أن أصارحه بهذا الشيء، لكني لا أملك الأسلوب الأمثل لمواجهته.. قد أواجهه بأسلوب خاطئ فهو إلى الآن لم يطلب أي زواج، ويمكن أنه ذكره بشكل غير مباشر وعابر..
أنا من عائلة معروفة جدًّا ومحافظة.. وهو يعمل بعمل جيد وحالته ممتازة.. وأتمنى من الله أن تجدوا الحل الأمثل لمشكلتي.. فخوفي من الله يغصبني على أن أعرف هل علاقتنا مجرد كلام على الشات أو أنها ستنتهي بعلاقة جادة، فأنا لا أريد التفكير كثيرًا في هذا الشيء؛ فيزيد من همومي همومًا، والشكر لكم .
انتهت
الإجابة
تقول د سحر طلعت: الأخت الحبيبة، لمست في حديثك نضجًا مبكرًا؛ حيث تدركين طبيعة مرحلة المراهقة التي تمرين بها، كما أنك لا تشعرين بالارتياح لعلاقات الشات، والإنسان عندما يريد الانتقال من ضفة إلى أخرى عبر جسر تحفه بعض المخاطر فعليه أن يدرك طبيعة الجسر الذي يعبره ونقاط الضعف فيه، والمخاطر التي تكتنفه، كما أن عليه أن يعي قدراته وإمكانياته، وعليه أيضًا أن يحث الخطى ليصل لبرِّ الأمان، وهذا الجسر هو مرحلة المراهقة، التي تربط بين سنوات الطفولة وسنوات النضج .
فالإنسان -فتى كان أو فتاة- يشعر في هذه المرحلة بميل فطري تجاه الجنس الآخر، ويتمنى أن يتذوق رحيق الحب ويستعذب آلامه، ويتمنى أن يسهر الليالي حالمًا يَعُدُّ النجوم -كما يقولون-، وهذا الميل –إضافة لغياب النضج- قد يدفع بالمراهق لحبِّ أو حتى إعجاب غير خاضع لاعتبارات العقل، وبعد مرور هذه السنوات قد يصاب المرء بالدهشة والعجب من ميل القلب لهذا الشخص رغم العيوب البادية، ورغم عدم التكافؤ الواضح للعيان، سنوات المراهقة هذه أيضًا تتميز بعدم الاستقرار العاطفي؛ فقد يعجب الإنسان اليوم بشخص ما، ثم يتوجه بقلبه لغيره غدًا أو بعد غد.
هذه يا حبيبتي سنوات المراهقة التي تمرين بها، سنوات بريئة وجميلة، فيها المشاعر غضَّة ورقيقة، ولكن اتخاذ القرار فيها بناء على اعتبارات القلب وحده أمر محفوف بالمخاطر؛ هذا إذا كنت تعلمين الشخص الذي تتعلقين به جيدًا، ومعرفتك به على أرض الواقع، والأمر في حالتك غير ذلك؛ حيث إنك لا تعرفين عن الشخص الذي تتعلقين به إلا ما يريد أن تعرفيه عنه من خلال محادثتكم عبر الشات، ومن خلال صورته التي أطلعك عليها، فمن أدراك أنه صادق فيما يرويه عن نفسه، وأن هذه بالفعل صورته؟
إن علاقتك مع هذا الشخص علاقة في عالم الخيال، والخيال لا يصلح أساسًا لبناء البيوت، ولا بد لهذه العلاقة –إذا أراد طرفاها أن تتحول إلى علاقة زواج- أن تنتقل لأرض الواقع.. فكيف يمكن أن يتم هذا؟ توقفي تمامًا عن محادثته، ولا تدخلي غرف الشات ثانية، وحبذا لو قطعت اشتراك النت إذا وجدت في نفسك ضعفًا وعدم قدرة على المقاومة، فإن كان صادقًا فسيرسل لك بريدًا -وهو بالطبع يعرف البريد الإلكتروني الخاص بك- يطلب أن يتقدم إليك، وعندها فقط يمكنك أن تقابليه في حضور أحد محارمك أو يتقدم مباشرة إلى والدك، وتبدأ مرحلة نقل الأمر إلى الواقع ودراسة العيوب والمميزات، ووضع الأمور في نصابها، وموازنة اعتبارات العقل والقلب معًا، وإن كانت الأخرى ولم يحاول الاتصال بك أو أرسل خطابات يستعطفك أن تعودي إلى علاقتكم عبر الشات؛ فلا تستجيبي له، ولا تردي عليه، ولا تحزني عليه؛ لأن هذا يعني أنه إنسان غير جاد يريد أن يقضي وقتًا ممتعًا في غرف الشات، فإن كان الأمر كذلك فلا تحزني ولا تبتئسي؛ فشخص كهذا لا يستحق قلبك ولا يستحق لحظة ندم أو ألم.
ابنتي الحبيبة.. كلي ثقة في رجاحة عقلك، وفي أنك ستمرين عبر هذه الأزمة وغيرها من الأزمات، وستخرجين إلى الحياة أكثر نضجًا وأكثر فهمًا، وسوف يرزقك الله -عز وجل- بحب أكثر نضجًا في الأيام القادمة، وساعتها ستدركين أن الحب في الخيال لم يكن حبًّا، ولكنه وهم كبير.
لقد قلت لك في بداية حديثي: إن على المرء أن يحثّ الخطى عبر الجسر المحفوف بالمخاطر ليصل لبرِّ الأمان، والجسر هنا هو مرحلة المراهقة، وبر الأمان هو مرحلة النضج، ومن الثابت أن المراهقة الفكرية والنفسية لا ترتبط في كثير من الأحيان بالمراهقة الجسدية؛ فقد نجد من هم في سن المراهقة، ولكنهم يتمتعون بنضج وحكمة مبكرين، وعلى العكس قد يصادفنا من تخطى سنوات المراهقة، ولكنه ما زال يعاني من المراهقة النفسية والعقلية، فكيف يمكن أن تصلي لمرحلة النضج ؟
الاهتمام بدراستك، وتنمية هواياتك ومهاراتك، والحرص على الاطلاع المستمر في كل المجالات (دينية، وعلمية، وتاريخية، و..، و..)، وتحليل كل ما يمر بك من خبرات الحياة، واستخراج الدروس المستفادة منها، ويتم ذلك بوضع مجموعة أهداف تتفق مع ميولك، وتقسم هذه الأهداف إلى مجموعة أهداف مرحلية، ثم حدِّدي وسائلك لتحقيق هذه الأهداف.
دعواتي أن يوفقك الله تعالى، ولا تنسي أن توافينا بالتطورات.
المصدر :http://www.manhag7aya.com/