انا متدين وشاهدت موقعاً إباحياً

كنت مداوماً على طاعة الله في الإجازة كعادتي، وعندما تدخل الدراسة أنقطع عن الصلاة بالمسجد، وأصلي في البيت؛ فالدروس تأخذ وقتاً كثيراً. فُتنت مرة بمواقع إباحية، ولم أعد لها ثانيةً، ولكني عدت الآن، وأنا أطلب منك خطواتٍ لعدم الرجوع لها مرة أخرى، فأنا كنت مدواماً على قيام الليل والصلاة بالمسجد، وإن شاء الله أفعل هذا.
أيضاً: هل المواقع التي كنت مسجلاً بها ولم أستطع حذف الحساب تُعتبر سيئة جارية؟ فأنا أفتن عندما أدخل لحذف هذه الحسابات، لكني لا أعرف، وحتى لو حذفته يبقى الاسم موجوداً، لكن الحساب مقفول، فهل ذلك أيضاً يعتبر أيضاً سيئة جارية؟ مع العلم أني لم أعمل شيئاً بهذه الحسابات غير المشاهدة -وأستغفر الله العظيم-.

الإجابة

المستشار: أ.هاشم الأهدل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشكرك على ثقتك، وأسأل الله أن يوفقنا لخدمتك ومساعدتك.
أخي الحبيب، لابد أن تعلم بأن طريق العلاج من أي معصية وخطأ عبارة عن خطوات، والخطوة الأولى والأهم هي عدم استمراء المعصية والرضا بها، والاستسلام للشهوات، وترك الطاعة، وخاصةً الصلاة مع الجماعة؛ لأن كثيراً من الناس -للأسف- قد يُبتلى بمعصية يقع فيها بين الفينة والأخرى، فيصيبه الشيطان بالقنوط، فيترك الخير والصلاة، ويوغل في المعاصي؛ بحجة أنه لا يستطيع التوبة، ولو صدق مع الله فإن الله عز وجل سيعينه.
أخي -وفقك الله-، مشكلة ارتياد المواقع الإباحية هي مشكلة عويصة، وتحتاج إلى صبر ومجاهدة، ولابد أن تعلم بأنك أنت الذي أصبت نفسك بهذا الداء ابتداءً؛ لأن الإنسان مأمور بغض البصر وليس إطلاقه، فما بالك بالبحث عن هذه المثيرات التي لا يستطيع أن يتحملها أي أحد في قلبه ذرة من شهوة فطرية؟!
ولكن ليس معنى ذلك نهاية المطاف، فكما أنك أنت الذي تسببت في عشق قلبك لهذه المناظر والصور؛ فأنت الوحيد القادر بعون الله على الصبر والمجاهدة في تركها، واحذر من اليأس، فالأمر يحتاج إلى صبر وصدق مع الله، وبذل وتجلد، ولكنه ليس مستحيلاً أبداً، خاصةً وأن قلبك حي وقريب من الله، وما زلت على الخير، ومحافظ على صلاتك، وتندم حال وقوعك في هذه المعاصي، فالفرق بين المؤمن والفاسق: أن الفاسق يفعل المعصية ولا يندم، ولا يشعر بالندم، أما المؤمن فقد يضعف ويقع في المعصية، ولكنه لا يستمر، ولا يجاهر، بل يتوب ويندم، ويبكي ويبذل من الطاعات والخير ما يكفر ذنبه ويغسل خطيئته.
أخي الحبيب، أوصيك بهذه الوصايا المعينة على ترك مشاهدة هذه المواقع المحرمة:
1- لابد أن تتأمل وتفكر كثيراً في الآثار المترتبة على الاستمرار في مشاهدة هذه المواقع، مثل: الإدمان عليها، وممارسة العادة السرية، وفساد الفكر والقلب، والبعد عن الله عز وجل، وقسوة القلب، وصعوبة التخلص من الأفكار السيئة المترتبة عليها، وضعف مراقبة الله عز وجل وخشيته.
2- أن تبادر للتوبة فوراً، والاستغفار، والندم، والعزم على عدم العودة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَذَكَرَهُ، فَتَوَضَّأَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ إِلا غَفَرَهُ اللَّهُ لَهُ) فالتوبة بسيطة وسهلة، ولكن تحتاج إلى الصدق مع الله، والعزم، والمجاهدة على عدم العودة.
3- الابتعاد عن كل دواعي الوصول لهذه المواقع؛ كتخفيف ساعات العمل على الإنترنت، أو عدم الجلوس على الإنترنت بمفردك، أو مسح هذه المواقع، وتركيب برامج للحماية منها، أو عدم الجلوس على الإنترنت إلا لحاجة، وإغلاقه مباشرة بعد القضاء منها، وقد تجد صعوبة في البداية، ولكن مع المجاهدة والصبر ستستطيع.
4- املأ وقت فراغك بما يُفيد سواءً بالطاعات أو المباحات، من رياضة، ونزهة، أو جلوس مع الأهل، وإذا وجدت أن لديك فراغاً فلا تفكر بتاتاً بالأفكار المثيرة للشهوة، وادفع هذه الأفكار من أولها، ولا تسترسل معها؛ لأن هذه الخواطر والأفكار تتطور وتدفعك للبحث عن مثل هذه المواقع.
5-أكثر من دعاء الله عز وجل في أوقات السحر، وأثناء السجود، وبين الأذان والإقامة، وفي كل وقت؛ بأن يعفك بالحلال، ويغنيك بحلاله عن حرامه، وأكثر من الذكر، والاستغفار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
6- إذا غلبك داعي الشهوة فلا تستسلم، وتذكر قول الله تعالى: {إني أخاف الله رب العالمين} وقوله عز وجل على لسان يوسف عليه السلام: {قال معاذ الله}، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة فمن تركها من خوف الله أثابه جل و عز إيمانا يجد حلاوته في قلبه) أخرجه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وإذا صدقت تويتك، وتركتها لله؛ فستجد لذة الإيمان في قلبك.
7- إذا جاءتك لحظة ضعف، وراودك الشيطان لمشاهدة الحرام، واستسلمت له؛ فلا تتماد وتستمر، ولكن بادر بالتوبة والندم مباشرة، وارجع وأقلع، ولا تسترسل في الحرام؛ لأن الشيطان يريد منك أن تستسلم، وأن تقول: لا أستطيع، وأنا مدمن على هذا، فتقع في الحرام دون التوبة، ولكن جاهد واصبر، وابذل الأسباب، وسيعينك الله، وإذا وقعت فبادر بالتوبة والرجوع، واجتهد في أعمال صالحة تكفر بها عن ذنبك، قال تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات} عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبّهِ عَزّ وَجَلّ قَالَ: (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً. فَقَالَ: اللّهُمّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً، فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذَ بِالذّنْبِ. ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ. فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً. فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ. ثُمّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبَاً. فَعَلِمَ أَنّ لَهُ رَبّا يَغْفِرُ الذّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذّنْبِ. اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ) رواه مسلم. فالعبد مهما أذنب فلابد أن يرجع ويتوب إلى مولاه من باب الندم، والعودة ومداومة الاستغفار، وليس من باب التساهل في الذنوب والتوبة الكاذبة منها.
8- لا تحدث أحداً بهذه الأخطاء التي تقع فيها، واجعلها بينك وبين الله، واطلب من الله الستر والغفران.
9- انقطاعك عن هذه المحرمات بين فترةٍ وأخرى دليل صدقك ان شاء الله، ولكن تكرار عودتك لها يحتاج منك إلى مزيد من الصبر والمجاهدة، فابذل جهدك، واصبر عما حرم الله، وأبشر بالخير والأجر من الله، قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}.
10- حاول إزالة أي حسابات أو أشياء تُسهل لك الوصول للمعصية ، فإذا لم تستطع فحاول نسيانها والابتعاد عنها .
11- هذه مواد مرفقة ستفيدك بإذن الله:
كيفية علاج إدمان المواقع الاباحية للشيخ محمد حسان: http://www.youtube.com/watch?v=Iny2hE0_OAg
موقع التحذير من المواقع الإباحية: http://cyber-addiction.com/index.php
أسأل الله أن يثبتنا جميعاً على الدين، ويكفينا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

المصدر راف