ابني بدأ يسأل عن الجنس ؟

السلام عليكم ورحمة الله
أنا أم لأسرة ناشئة، ابني الأكبر يبلغ 18 عامًأ، وعندي بعده ولدان ثم بنت 3 سنوات، المشكلة هي أن ابني كثير الأسئلة، وهو شيء جيد، ولكن ترد عنده بعض الأحيان أسئلة غريبة وصعبة، يصعب علي الإجابة عنها، أنا ووالده ويصر على معرفة الإجابة، والسؤال هو: ما هو مصدر الشهوة الجنسية؟ فحين سألته عن معنى سؤاله قال الآتي: إذا جعنا فإن بطوننا (المعدة) ستؤلمنا، والألم سببه تقلصات في المعدة، ولكن إذا شبهنا شهوة الجنس بشهوة الطعام فمن يلعب دور المعده؟ وما هو مسبب هذه الشهوة؟

المشكلة الثانية: هي أن ابني هذا أتاني عدة مرات، وقال لي أنه يحس نفسه مختلف و(غريب) عن أقرانه أو هكذا يصفونه دائمًا، فما الحل؟

المشكلة الثالثة: أنهم أيضًا يقولون له أنه يدقق كثيرًا على الأمور، وأن شخصيته استفزازية، فما الحل؟

المشكلة الرابعة: تتعلق بابنتي، فأنا رزقت بثلاث أبناء ثم بنت، ولا أدري كيف أتعامل معها فيما يتعلق بإفهامها مدى خطورة غشاء البكارة وغيرها من الأمور، فبسبب صغر سنها لن تستطيع أن تعقل معنى غشاء البكارة، والآن هي بالعمر الذي يحب الطفل استكشاف نفسه، وأخاف أن تفعل بنفسها شيء (لا قدر الله) بلا علم منها يسبب في أذيتها طوال عمرها، فما الحل؟

علمًا بأن المشاكل السابقة نحاول أنا وزوجي بإيجاد الحلول لها، فإن زوجي -ولله الحمد- مهتم بتربية الأبناء وأمور بيته.
شكرًا لكم.

المستشار: أ. فدوى الشمايله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أختي الكريمة: بداية دعيني أشكرك على وعيك أنت وزوجك وسعيكما لتربية أبنائكم بلغة الحوار والتفاهم، وحرصكما على نشأتهم نشأة سليمة جسديًا ونفسيًا وفكريًا.

وأنت قد ذكرت أن لديك ثلاثة من الأولاد الذكور، وذكرت عمر الأكبر منهم والذي يبلغ 18 عاما؛ لذا أتوقع أنه هو من تتكلمين عنه في استشارتك، وهو من يسأل الأسئلة الكثيرة، وأنا حقيقة مستغربة أن ابنك يسألك أنت ووالده مثل هذه الأسئلة، وليس استغرابي من فضوله، فالضفول هو دافع للتعلم والتفكير، ولكن لأنه يسألكما أنتما مثل هذه الأسئلة، وهو شخص بالغ ويستطيع أن يبحث عن الإجابة بنفسه؛ لأن الإجابة علمية وموجودة، وأنتما لم تعودا مصدر المعلومات الوحيد له؛ لأنه لم يعد طفلًا، وهو الآن شخص بالغ من المفترض أن يبحث بنفسه.

وعندما يسألكما مثل هذه الأسئلة أجيباه بأنه الآن من المفترض أن يبحث بنفسه عن الأجوبة، وهنالك مصادر كثيرة لذلك من الكتب والإنترنت وغيره من مجالات البحث.

لكنني سأجيبك عن سؤاله: إن الرغبة الجنسية هي مزيج ما بين العوامل والمشاعر النفسية، وما بين الحواس وبين الهرمونات التي يفرزها الجسم وخاصة هرمون التستوستيرون، والذي يعرف بهرمون الذكورة، وكذلك هرمون الاستروجين، وهذان الهرمونان تختلف نسبتهما عند الذكر والأنثى، ففي حين أن هرمون التستوستيرون أو هرمون الذكورة موجود بنسب عالية عند الذكور، فهو يوجد بنسب أقل عند الإناث، ورغم أن نسبته قليلة عند الإناث فهي كافية لإحداث الرغبة الجنسية عندها، والأنثى لديها هرمون آخر وهو الأستروجين، والذي يساهم أيضًا في الرغبة الجنسية.

ويتم إنتاج هرمون التستوستيرون في خصيتي الرجل، أما المرأة فالمبيضان هما اللذان ينتجان الهرمونات الجنسية بشكل رئيسي، إلا أن بعضها تفرزه الغدد الكظرية، فالذي يحدث أن هذه الهرمونات الجنسية تعمل مع بعض المواد الكيميائية العصبية، والتي يفرزها الدماغ وأهمها مادتا الدوبامين والسيرتونين اللتان تنشطان إفراز هرمون التستوستيرون، بالإضافة إلى المشاعر والحواس، على إحداث الرغبة الجنسية، وعند الإباضة يزيد نشاط الهرمونات الجنسية؛ لأن الغاية أصلًا من الرغبة الجنسية منها هو التناسل واستمرار الجنس.

أما كون ابنك يشعر بأنه مختلف وغريب، فربما لأنه إنسان يحب التفكر والتعمق في معرفة الأشياء، وفي هذه السن، فإن الشباب عادة تنصب اهتماماتهم على أمور أخرى كالفتيات والمظهر وغيرها من هه الأمور، ويرغبون باستقلالية أكبر عن الأهل، والاختلاف لا يعني أبدًا مفهومًا سلبيًا، بل قد يعني أحيانًا التميز والتفرد في طريقة التفكير، فلا تشعروه بأن في اختلافه نقص أو عيب، وينبغي أن نتعلم تقبل الاختلاف، وتشجيعه.

المشكله الثالثة: أنهم أيضًا يقولون له أنه يدقق كثيرًا على الأمور، وأن شخصيته استفزازيه، فما الحل؟

وشخصيته استفزازية ويدقق كثيرًا على الأمور، فهذه طبيعة شخصية، والشخص الاستفزازي هو الذي يقوم بالأفعال والأساليب التي فيها محاولة لإخراج الآخرين عن طورهم من الحالة الاستقرارية إلى حالة الغضب أو الانزعاج، وهناك جانبان للاستفزاز: الاستفزاز الإيجابي؛ حيث يستفز الشخص غيره رغبة في دفعه إلى تغيير وضعه وتحسينه، والاستفزاز السلبي، وهو النوع الذي يشتكي منه الناس عادة، وهذا يعبر عن نقص ما في الشخصية المستفزة، وربما نقص ثقة في النفس؛ حيث أن الشخص قد يلجأ للاستفزاز للفت الانتباه أو لإثبات تميزه لعدم تمكنه من إثبات نفسه بأسلوبه الطبيعي، وأحيانًا فإن الشخص قد يقوم بالاستفزاز بشكل غير مقصود.

وحيث أن ابنك يعاني مشاكل من هذه الصفة في شخصيته، فهو طبيب نفسه، وهو وحده القادر على تغيير شخصيته وسلوكه، والتحكم في تصرفاته، ومجاهدة نفسه لتغيير طباعه، فهو يعلم ما قد يزعج أصدقاءه فليبتعد عنه ويتجنبه، ولا يكثر من التدخل والانتقادات والتدقيق في الأمور، وليعود نفسه على التغافل، وليجلس مع نفسه جلسة صفاء ويحاول أن يعيد في مخيلته المواقف التي كانت تثير غضب وانزعاج أصدقائه ويحاول أن يتذكر تصرفه وما قاله وفعله لكي يضع يده على ما يسبب استفزازه لغيره ويعمل على تعديله.

وبالنسبة لطفلتك -حفظها الله- فقد صدقت في موضوع استكشاف الأطفال لأجسادهم، وما قد يؤدي إلى تحسسهم للمناطق الخاصة فيكتشفون مناطق الإثارة عن طريق الصدفة، ويكررون لمس تلك المناطق، إلا أن طفلتك ما زالت في الثالثة من عمرها، وأنا أرى أنه من المبكر جدا إخبارها بموضوع غشاء البكارة، فهي أولا لن تستطيع فهم وإدراك ما تعنين، وثانيًا فأنت بذلك تلفتين نظرها إلى هذه النقطة وتثيرين الفضول عندها فقد تعمد إلى استكشافها.

ولكني أنصحك أن تبدئي بالتكلم مع طفلتك عن المناطق الخاصة في جسدها، وتخبريها عنها، وأنها ينبغي أن لا تسمح لأحد بلمس هذه المناطق أو رؤيتها، أو تدع أحدًا يلمسها ويحضنها أو يقبلها في غير وجود الأهل، وأن تتجنب هي أيضًا لمس منطقة الفرج بالذات؛ لأن الله تعالى قد أنعم علينا بالجسد وهو أمانة ويجب أن نحافظ عليها، وهذه المناطق بالذات حساسة وتستقطب الجراثيم بسرعة، وأيدينا محملة بالجراثيم التي لا نستطيع رؤيتها بعيننا المجردة، ومهما نظفنا أيدينا فيبقى عليها بعض الجراثيم، فإن نحن لمسنا هذه المنطقة فقد تنتقل الجراثيم إليها بسرعة وتسبب المرض والالتهابات.

فحاولي أن تربطي الفكرة بالنظافة والصحة، فهذا أقرب إلى سنها وإدراكها، ولكنها ينبغي أن توعى أيضًا لخطر الغرباء والأشخاص المرضى الذين قد يستغلون طفولتها، ويبدو لي أنك بطبيعتك أيضًا تقلقين كثيرًا، فاحرصي أن لا تظهري القلق أمام أطفالك؛ لأنه شعور ينتقل بالإحساس أحيانا، فلا تقلقي كثيرا، فليس هنالك ما يستدعي القلق مطلقًا، وأكثري من الدعاء لأبنائك ولنفسك وزوجك دائمًا، واعقلي ثم توكلي.

وأنا حقيقة معجبة بوعيك وتفهمك للحاجات النفسية والتعليمية لأبنائك، وبهذا الحرص الشديد على أبنائك، وهذا يعكس مدى حبك وتفانيك في تربية أطفالك، وأنك تحاولين أن تتقربي منهم وتكوني لهم صديقة تستمع إلى همومهم، وأمًا عطوفًا تبذل ما بوسعها لإسعادهم، فجزاك الله تعالى عنهم خير الجزاء، وجعلهم قرة عين لك وسببًا لسعادتك في الدارين.