إبني الصغير يتصرف تصرفات جنسية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكر لكم موقعكم المميز والمفيد، وأودّ منكم مساعدتي لأجد تفسيرًا، وإرشادي لتربية ولدي الصغير، وعمره 9 سنوات.
ولدي أصغر إخوانه، ولكن لاحظت عليه تصرفات غريبة وعمره 3 سنوات، وكان يلمس جسمي من الخلف إذا رأني أصلي، أو يضمني ويلمس صدري، أو يستلقي جنبي ويلصق جسمه فيّ، ولاحظت أنَّه ينتصب عضوه، وكنت فقط أبعده حتى ينسى، وترك هذه الحركات، ثم في عمر 8 سنوات شاهد لقطات مخلة في لعبة إلكترونية عند أخيه الكبير، ورجع لحركاته القديمة، وأخبرته ألا يفعل، وهذا عيب، ومنعته من لعب السوني.
أصبح يدخل غرفتي ويتفرّج على ملابسي الداخلية، فقلت له: يا ولدي كلنا نلبس ملابس داخلية، فلا تفتح الأدراج غير الخاصة بك، والحمد لله انتهى.
الآن رجعت المشكلة، واشتريت له آيباد، وهناك ألعاب تضع مقاطع فيديو، فتحها وفتح اليوتيوب، وظهرت لها مقاطع إباحية، وعلى مدار يومين يدخل ويتفرج، ويكتب كلمة وسخ، حتى تطلع له أشياء، وهكذا.
تفاجأت أنّه دخل الغرفة وأغلق الباب، فتحت الباب وأخذت الجهاز، ورأيت المصائب، فقلت له: لو فعلت هكذا مرة أخرى ستحرم من الجهاز، وهذا يغضب الله، وعيب، استغفر، وقرأت له أذكار النوم عسى أن ينساها.
قفلت اليوتيوب والتصفح، سؤالي: لماذا طفلي منذ عمر 3 سنوات يعمل هذه الحركات؟ هل هو استكشاف أو شهوة؟ وهل تؤثر المشاهد عليه ويصاب من يشاهدها مبكرًا بالانحراف؟ وما هي الأضرار؟ وهل يتجاوزها وينسى لأنَّه صغير؟.
وجهوني كيف أنصحه وأربيه الآن؛ فإنّي متعجبة من تصرفاته على صغر سنه، وبحثه المتكرر؟ جزاكم الله خيرًا.
المستشار: أ. عوض الفندي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكرًا على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:
أشكرك -أخي الكريم- على طلب الاستشارة وثقتك العالية بنا، ونسأل الله العلي العظيم أن يساعدك في حلّ مشكلتك.
بدايةً: لا بدَّ لك من إعادة الثقة العالية بنفسك أولاً، ونشكرك لأنَّك وضعتي المشكلة الخاصة بين أيدينا، وأنَّ الميل الجنسيّ غريزةٌ غرستها يد الخالق في وجود الإنسان؛ لضمان بقاء النسل.
وهذا الميل يكون ضامرًا في مرحلة الطفولة، ويظهر تدريجيًا في حياة الإنسان؛ ليبلغ أوجه في مرحلة المراهقة، والأطفال لا يخلون من الميل الجنسيّ، وهم يحتاجون في هذا المجال إلى التربية والمراقبة الجدّيّة.
فالغريزة الجنسيّة تُعدّ واحدة من أقوى الغرائز الحيويّة لدى الإنسان وهي طبيعية داخلية، وتتّسم هذه الغريزة المزروعة في النفس الإنسانيّة منذ الولادة بحالة من الهدوء والسكينة حتى بلوغ سنّ المراهقة.
ولكنّها تبدأ بالتفتّح والتفاعل شيئًا فشيئًا مع دخول مرحلة المراهقة؛ فمن الطبيعي أن يرافقها بعض العقبات والمشاكل، وهنا تقع على الوالدين مسؤوليّة كبيرة جدًّا في العمل على رفع هذه العوائق التي قد تعترض طريق أبنائهم في هذه المرحلة العمريّة الحسّاسة.
دور الوالدين مشترك في تربيّة أطفالهما تربيةً جنسيّة، ولكن أحيانًا يكون دور الأمّ مقدّمًا بالنسبة إلى البنت، ودور الأب مقدَّمًا بالنسبة إلى الابن مع تقديم النصح والإرشاد، وفي هذا المجال تُقدِّم تعاليم الإسلام بعض السبل والطرق للتوعية الجنسيّة وتهذيب الغريزة الجنسيّة.
ففي مرحلة الطفولة، وقبل سنّ المراهقة تكون الغريزة في حالة كمون وثبات، ولكنّها تعتبر مرحلة مهمّة جدًّا في تشكّل الوعي الجنسيّ لدى الطفل، فهذا الوعي إمّا أن يحصل من الطرق الصحيحة ووفق الأصول والأسس الدينيّة والتربويّة السليمة، وإمّا من خلال طرق غير تربويّة وغير أخلاقية، فتكون عواقبها: عادة، مؤذية، ومهلكة أحيانًا، خصوصًا على مرحلة المراهقة التي تليها.
فمرحلة الطفولة هي مرحلة مفصليّة وتأسيسيّة لما بعدها من المراحل اللاحقة، من هنا على الأهل أن يتقيّدوا بمجموعة من التوجيهات والتعاليم الدينيّة والتربويّة؛ لتفادي الوقوع في المحذور، قال الرسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: “كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا”، من تلك المسئولية الملقاة على عاتق الأهل تجاه أولادهم منعهم من كل ما يسبّب إفسادهم، أو يؤثر في أخلاقهم سلبًا.
وإليك بعض النصائح والإرشادات التي -إن شاء الله- قد تساعدك في حلّ مشكلتك والتخفيف من حدتها وتدعمك نفسيًا ومعنويًا:
تعليم الأولاد -ذكورًاً وإناثًا- الآداب الإسلامية المتعلقة بستر العورة، والنظر، والاستئذان، قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ…} إلى آخر الآيات من سورة النور: 58.
أمَّا عند بلوغ الأطفال: فإنَّ الاستئذان يكون في كل الأوقات، كما قال تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 59].
الحياء والعفة: ينبغي للأمّ والأب أن يُراعيا في شؤون الحياة العائليّة كافّة أصول الحياء، وأن يُهيّئا البيئة المناسبة لتربية أولادهما تربية صحيحة وإسلامية من خلال المحافظة على الحياء في المحيط العائليّ والأسري، ومراقبة الأبناء بالليل والنهار.
عدم استخدام الألفاظ البذيئة: على الوالدين أن يُراعيا في كلامهما الأدب واللياقة وحسن الأخلاق، والابتعاد عن الأصدقاء والجيران الذين يلعب معه الطفل لتجنب حدوث مثل تلك السلوكيات.
الفصل بين الإناث والأولاد: ينبغي الفصل بين الأبناء الذكور والإناث عند الاستحمام والنوم أيضًا، وعلى الأمّ أن لا تساعد ابنها في الاستحمام بعد أن يبلغ الأربع سنوات، روي عن الرسول الأكرم -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: ((فرّقوا بين أولادكم في المضاجع إذا بلغوا سبع سنين)).
عدم المبيت في فراش واحد بحضور الأبناء: ينبغي للوالدين أن يُعلّما أبناءهما أن يطرقوا الباب ويستأذنوهما عندما يدخلون عليهما في غرفتهما، وينبغي أن تكون علاقة الأمّ والأب في محضر الأولاد خاليةً تمامًا.
الحدّ من التماس الجسديّ مع الأطفال وخاصة بعد الخمس سنوات الأولى من حياة الطفل.
المراقبة الدائمة لعلاقات الأبناء ببعضهم البعض أو حتى بالوالدين، وتجنّب الملامسة أو الجلوس بالحضن أو النَّوم، ولا يصحّ للأمّ أن تترك أولادها بمفردهم مع أجهزة الهاتف والكمبيوتر.
سحب جهاز الآيباد منه وعدم السماح له بالدخول، أو تنزيل متصفح الإنترنت أو أيقونة اليوتيوب ليتعلم أنَّ هذا عقاب له بدخوله إلى الأشياء الغير مسموحة، وإعطائه الجهاز بعد تحسّن علاقته معك، والاستماع لك، ووعدك بأن يمتنع عن دخول أو مشاهدة الأشياء المحظورة.
عدم السماح له بالاقتراب منك، أو حصول الملامسة ثانية، والاكتفاء بالملامسة السريعة على الرأس أو الأكتاف، وتجنّب الحضن.
تعليم مفهوم المَحْرم وغير المَحْرم، ويمكن للوالدين أن يُعلّما أولادهما مفاهيم المحرم وغير المحرم من عمر ستّ سنوات، وما فوقه، وأن يُهيِّئاهم لذلك.
تعليم الأطفال أعضاءهم الجسدية، وتعريفهم عليها، وما هي الأشياء الممنوعة، ولا يسمح له مشاهدة أخته أو أخيه بالحمام، وهذا عيب وحرام، إلى آخره من المفاهيم التي تؤثر في نفسية الطفل.
تشغيل القرآن الكريم بالتلفاز أو الراديو؛ فهذه الأشياء تطرد الشيطان من البيت، وتساعدنا في التعوذ من الشيطان الرجيم.
التذكر الدائم لنعم الله سبحان وتعالى، وإيماننا المطلق بأنَّ الله سبحانه وتعالى قادر على حلّ مشاكلنا وإن كبرت.
التمسك بحبل الله المتين، والاستعانة به، والتوكل عليه في كل الأمور.
أخيرًا: نسأل الله العلي العظيم أن يهدي ولدك، ويبعد عنه وعنّا كل مكروه، وأرجو أن تكون هذه الإرشادات مناسبة لحالة ابنكم ومفيدة لكم.
موقع راف