فتاة وأعاني كثرة الشرود في الجنس

بداية: جزيل الشكر علی هذا الموقع الرائع.

نحن أسرة متدينة ومنعزلة عن التعامل مع البشر إلى حد ما، وأنا مستاءة؛ لأنه ليس لدي صديقات أو أتعامل مع الناس أو أعرف حتی كيف أتعامل معهم!

مشكلتي هي أنني أعاني من شدة الشرود والتفكير في الأمور التي يستحي المرء من ذكرها “الجنس”، رغم أني أشدد علی أني لست من مشاهدي الأفلام الإباحية ولا غيرها، وليس لي صديقات أصلاً، ودائماً أشعر أن الأجدر بي أن أكون ذكراً، وأحياناً تثيرني النساء كما تثير الرجل! رغم أني أنثی بمعني الكلمة، لكن صوتي ليس كالبنات إلى حد ما، ومشعرة قليلاً، ولولا الحاجز الديني للبست ملابس الرجال، وحلقت شعري كما أريد، رغم تقززي ممن يفعلون ذلك! لا عليكم ستقابلون الكثير من المجانين في هذا العصر!

لا أستطيع مصارحة أحد من البشر وجهاً لوجه ليساعدني غير دعاء الله ثم تفهمكم لحالي، أنا فقط أريد أن أبعد عني هذا التفكير الدائم والشرود في قلة الأدب بأسرع ما يمكن -اللهم لا تجعلني من المجاهرين بالسوء-، لكني أحياناً أمارس العادة بشكل خارجي، ولم أشعر بالندم أبداً، لكني أعلم أن هذا سيؤثر على نفسيتي وعلی دراستي بشكل أو بآخر لاحقاً.

إضافة إلى أن لدي لا مبالاة شديدة، ولا أعلم متى ولماذا جاءتني!!

المستشار: أ. فدوى الشمايله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. شكراً على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:

ابنتي الحبيبة، ونحن نشكرك أيضاً على ثقتك في موقعنا، وأنت مرحب بك دائماً معنا، ونأمل أن ينفعك الله تعالى بنا.

يبدو لي يا بنيتي أن أصل مشكلتك يعود إلى هذا الكبت والتضييق الذي تعيشينه، فأسرتك متشددة ومنعزلة اجتماعياً، وقد عزلت أنت أيضاً اجتماعياً، فليس لديك صديقات أو أي نوع من العلاقات الإجتماعية، وهذه البيئة المنغلقة والكبت الذي تعيشينه قد ولد لديك مشاعر الرغبة بالتمرد على وضعك وعلى كونك فتاة؛ لشعورك بأن الفتاة مقيدة ولا تملك قسطاً من الحرية، ورغبتك في الانتقام من حقيقة أنك فتاة جعلتك ترغبين بتقمص دور الرجل وتقليد شخصيته.

كما أن تفكيرك الدائم بالجنس وبالأمور المحرمة، وممارستك للعادة؛ هو أيضاً نتيجة الصرامة الشديدة في التربية والكبت، وكثرة المنع والحرمان، وعدم وجود مجال من الحرية، وكذلك وجود وقت الفراغ الكثير نتيجة انغلاقك على نفسك، وعدم وجود أية علاقات اجتماعية أو ما تشغلين به وقتك.

وأما بالنسبة لبعض الخشونة في صوتك وبعض الشعر الزائد؛ فهذا قد يكون مرده ارتفاع الهرمون الذكوري عندك، وهذه مشكلة تحدث لدى الكثير من الفتيات؛ وعادة فإن الهرمون الذكوري (التستوستيرون) يوجد عند البنت بنسب منخفضة، ولكن قد توجد عوامل معينة تؤدي إلى وجوده بنسب مرتفعة، منها:

تكيس المبايض: حيث تحدث تكيسات على المبايض مما يؤدي إلى خلل في إفراز الهرمونات لدى المرأة؛ فيزيد الهرمون الذكوري، وينخفص الهرمون الأثنوي (الاستروجين)، وهذا مرض شائع عند النساء خاصة عند ازدياد الوزن.
اضطراب الغدة الدرقية: حيث يصبح حجم الغدة الدرقية أكبر، ويتغير شكلها أو بعض وظائفها، وهذا يؤدي أيضاً إلى لخبطة في إفراز الهرمونات، وزيادة إفراز الهرمون الذكوري، ومثل هذا الاضطراب شائع عند النساء.
وأحياناً فإن استعمال بعض أنواع الأدوية يؤدي إلى رفع نسبة الهرمون الذكوري عند المرأة.
كما أن للوراثة دوراً في ذلك؛ فقد تكون الأم أيضاً لديها ارتفاع في الهرمون الذكوري، أو أن ترث الفتاة هذا الهرمون من والدها.

وتظهر أعراض هذا الارتفاع في الهرمون الذكوري بشكل خشونة في الصوت، وظهور الشعر في أماكن قد لا تظهر عادة عند الفتيات الأخريات، مثل الوجه، ويكون ظهر الرقبة غامق اللون ضارباً إلى السواد، ويؤثر الارتفاع أيضاً على الدورة الشهرية، وقد يؤدي في أحيان كثيرة إلى عدم الإنجاب.

بنيتي، أنا أدرك أن ممارستك للعادة بدأت بسبب الضيق النفسي الذي تشعرين به، وبسبب وجود الفراغ الكثير، ولكن ينبغي أن تعلمي أن للعادة السرية أضراراً متعددة:

فهي تؤثر على صحة الجهاز العصبي، وتؤدي إلى ظهرو القلق والشعور بالإحباط، ويلازم من يمارسها الإحساس بالذنب الدائم، وشرود الذهن الذي تعانين منه سببه ممارسة هذه العادة؛ لأنها تؤثر على قوة التركيز، وتؤدي إلى تشتت الذهن والنسيان، هذا إلى جانب الشعور الدائم بالتعب والإرهاق، كما أنها تؤدي في أحيان كثيرة إلى الشعور بآلام في منطقة الحوض والظهر وأسفل البطن؛ بسبب احتقان الحوض نتيجة عدم اكتمال العملية الجنسية، ثم أنها قد تؤدي إلى الإصابة بعدوى الجهاز التناسلي والالتهابات النسائية بسبب الجراثيم التي تنتقل لتلك المنطقة.

وكثير من الفتيات اللواتي كن يمارسن العادة استمرين بها حتى بعد الزواج؛ لأن تعودهن عليها يفقدهن الشعور بالنشوة من المعاشرة الجنسية الطبيعية، مما يؤدي إلى الشعور بالفتور والبرود الجنسي بعد الزواج، فتفقد المرأة الرغبة بممارسة الجنس؛ مما يؤثر على علاقتها بزوجها نتيجة برودها.

وعليك بنيتي-أن تجاهدي نفسك في التخلص من هذه العادة السيئة، وفي تحويل فكرك إلى الأشياء النافعة، ومقاومة الوساوس والأفكار السيئة، وهذا جهاد الهوى وجهاد النفس، وهو الجهاد الأعظم، والذي يحتاج إلى الإرادة والعزيمة والإيمان الصادق.

وهنالك أمور قد تعينك في تقويم النفس والتخلص من العادة السرية والتفكير الجنسي:

عقد النية أولاً، والاستعانة بالله تعالى لمساعدتك على التغلب عليها، والتوجه إليه بالدعاء والرجاء، والله تعالى يعين على الخير دائمًا وييسره.
ملء وقت فراغك بالنشاطات المختلفة؛ فالفراغ مفسدة، وهو بيئة خصبة للأفكار والتخيلات، وهذا الفراغ هو سبب في كثير مما يحدث معك من تفكير متواصل في الجنس، ورغبة في الاسترجال، وممارسة للعادة السرية؛ فالوقت كالسيف إن لم تقطعيه قطعك؛ لهذا أنصحك بأن تشغلي فراغك بنشاطات تنمي فكرك، وتشعرك بالسعادة، فابحثي عن هواياتك ومواهبك، وحاولي تنميتها وتطويرها، واستثمار وقتك بالعمل النافع.
وتجنبي الجلوس وحيدة، وحاولي أن تنشغلي مع الناس ومع الأهل؛ حتى تقطعي على الشيطان وما يبثه لك من أفكار أي منفذ إلى عقلك.
وعندما تخلدين للنوم ليلاً فتأكدي أن لا تأوي إلى فراشك حتى تكوني في قمة النعاس والتعب؛ وهذه من أهم الخطوات التي ستساعدك على تركها؛ لأنّك عندما تكونين متعبة، فإنَّ عقلك لن يتجه للتفكير في ممارسة العادة، وستكون الرغبة بالنَّوم عندك أقوى من ممارستها، فحاولي جهدك أن لا تأوي للنوم إلا وأنت متأكدة أنَّك مرهقة وتشعرين بالنعاس الشديد، وإن لم تستطيعي النوم فانهضي مباشرة، وأشغلي نفسك بالقراءة أو بأي شيء آخر، حتى تشعري بالنعاس وتنامي.
حاولي أن تنامي على وضوء حتى يجافيك الشيطان ولا يزيّن لك ممارسة العادة السرية؛ لأنَّ الشيطان ووساوسه وراء كل الرغبات والأهواء المحرمة.
كما أوصيك بالالتزام بالصلاة في وقتها؛ فالصلاة تجعلك في مراقبة دائمة لنفسك وسلوكك، وأكثري من الذكر وقراءة القرآن، وصدقيني أنَّ بقاءك على اتصال مع الله تعالى يجعلك في حفظ من الشيطان وشره، ويجعلك تفكرين ألف مرة قبل أن تقدمي على الحرام؛ لأنَّ علاقتك بالله تجعل جوارحك في عبادة دائمة وتنقيها وتبعدها عن طريق الهوى.
كما أنصحك بأن تنمي علاقاتك الاجتماعية، وأن يكون لديك صديقات تشاركيهن وقتك واهتماماتك ومشاعرك، فالحاجة إلى الصداقة في هذه السن هي حاجة طبيعية ومهمة.
وأنصحك كذلك بالقراءة والمطالعة؛ فالقراءة عالم بحد ذاته سيجعلك تغوصين فيه وتشغلين فكرك وتغذين عقلك، وسيساعدك في الانشغال عن التفكير بالأمور الأخرى.
حضور الدروس الدينية وحلقات الوعظ والإرشاد، وإن كنت تستطيعين المساهمة في تحفيظ القرآن للصغار فهذا عمل رائع تشغلين به وقتك، وتحصدين به الأجر العظيم.

وأريدك -بنيتي- أن تنزعي من رأسك هذه الأفكار والأوهام بأنك ترغبين بأن تكوني رجلا، وأن الفتيات تثرنك؛ فإنما هذه وساوس من عمل الشيطان يزينها لك ويحاول أن يقنعك بأنك تشعرين بهذا حتى تقتنعي بهذا، رغم أنه غير صحيح، وعندما تتزوجين وتحبين زوجك ستعلمين أنها كانت مجرد وساوس، ولكن البيئة التي تعيشين فيها والكبت والحرمان من أشياء كثيرة منها: الحاجات الطبيعية كالأصدقاء والعلاقات الاجتماعية، لا شك قد أثر في تفكيرك ومشاعرك، وولد لديك هذه الرغبة، فإن أنت وجهت حياتك ووقتك وملأتها بالشكل الصحيح؛ خفت لديك هذه الأفكار وتغلبت عليها.

كما أوصيك باستشعار مراقبة الله تعالى لك، وأن لا تجعليه أهون الناظرين إليك، واعلمي أن ممارسة العادة السرية حرام بإجماع الكثير من العلماء، فاحرصي على الابتعاد عما يغضب الله تعالى، وتقربي إليه، وأكثري من قراءة القرآن والذكر، واملئي وقتك بالعبادات؛ يصفو لك فكرك وتطمئن نفسك.

وأوصيك أيضاً بأن تمنحي نفسك بعض الاهتمام، فتهتمي بمظهرك وأنوثتك، وتجربي وضع الماكياج في البيت من وقت لآخر، وأن تحبي نفسك كما هي، واعلمي أن الفتاة وإن كانت مقيدة في كثير من الأمور، إلا أن في نفسها وفكرها من القوة مما يفوق قوة الرجال، وإلا ما عهد الله تعالى إليها بمهام جليلة وعلى رأسها الأمومة التي لا يستطيع الرجل مطلقاً تحملها!

بنيتي: أسأل الله العلي القدير أن يعينك على نفسك، وأن يملأ قلبك بمحبته ونوره، وأن يصلح لك شأنك كله، ويجعلك من إمائه المؤمنات العفيفات اللواتي يحببنه ويرضى عنهن.

ودمتم برعاية الله وحفظه.

المصدر موقع راف