هل أنا شاذ ؟
أنا شاب أعيش في تونس من أصول جزائريَة أبلغ من العمر 24 سنة. بدأت قصتي في شهر جويلية 2007 عندما كان عمري 19 سنة. كنت أشتغل بنزل سياحي في تونس وتعرّفت على فتاة أوروبيَة خرجت معها أكثر من مرَة، وفي ليلة طلبت منَي أن أمارس معها الجنس، أخذتها إلى شقّة مفروشة لصديق لي وسط المدينة وفوجئت حين لم تقع عملية الانتصاب عند الممارسة، خجلت منها ومن نفسي كثيرا مع أنَي أعلم أنَي كنت سليماً وقد مارست الجنس مع فتيات أخريات قبل، وكنت طبيعيَا جدّا (أرجو أن يغفر اللّه لي) المهم أن هذه الحالة لم تدم أكثر من ثلاثة أيَام ورجعت طبيعيّا مثل قبل.
مرَ الصّيف ورجعنا إلى الدَراسة، وفي ليلة كنت جالسا أدردش على النّت فأرسل لي رجل رسالة يقول فيها أنَه إيطالي يعيش في تونس وأنه يريد أن يمارس الجنس مع الشَباب فأجبته بسخريّة: لست أنا من تبحث عنه. نسيت الحكاية ومرَة أخرى وفي ليلة أخرى يبعث لي نفس الرَجل يريدني أن أنام معه مقابل أن يعطيني مالاً فأجبته بعبارات بذيئة: لا ترسل ثانية أيَها النَجس. ثمَ لا أعرف لماذا ربَما هو حبَ إطّلاع دخلت إلى بروفايله لأرى صوره فرأيته محمَلاً صورا وهو في أوضاع شاذَة وبشعة جدَا في تلك اللَحظة شعرت بذكري ينتصب، آنذاك عجبت كثيرا وتذكَرت حادثة الصَيف وأصبحت أوسوس وأتساءل كيف أعجز عن الانتصاب مع امرأة وينتصب بسرعة لمجرَد رؤية شواذَ!
بقيت أيَام وليالي أفكَر هل من المعقول أن أكون شاذّاً، ولم أنتبه لهذا وأنَ حبَي للنَساء كان كلَه خيال، أو أنني في مرحلة التحوَل إلى شاذ، مع العلم أنَي أعرف رجلا كان طبيعيَا ومتزوَجا وطلَق زوجته وأصبح شاذَ! وهذا ما زاد قلقي ووسوستي! لم يعد يرق لي شيء لا أفرح بفرح ولا أزهى بطرب لم أعد أفكَر بطموحي ولا مستقبلي شغلي الشاغل هو أن أنسى هذه المصيبة! كنت أدخل مواقع إباحيَة للشَواذ وأتساءل! بماذا أشعر!! هل هناك رغبة! الحقيقة أنَه لم يكن هناك رغبة بل خوف وقلق شديدان!! وأنظر إلى النَساء والرَجال وأتساءل مَن مِن الجنسين يثيرني!! وأمارس العادة السريَة أكثر من 4 مرَات يوميَا لأختبر نفسي!
وذات مرَة كنت أمارس العادة السريَة ففوجئت بأنَي أحسَ باللذة الجنسيَة في مؤخَرتي وليس في ذكري مثلما اعتدتَ!! يا إلاهي!! ما هذا الشَعور!! كيف يمكن أن يحصل هذا!! شعور غريب لم أشعر به من قبل!! بكيت عندها وصدَقت بأنَي شاذ وقبل هذا الشعور كنت موسوسا فقط أمَا الآن فأنا بالفعل شاذَ! كتبت رسالة وداع لأهلي وجمعت عددا كبير من أقراص الأدوية لأبتلعها وأنتحر لكنَي خفت من اللَه ومن عذاب القبر والآخرة وقلت أنَ عذاب الآخرة أشدَ بكثير من عذاب الدَنيا، لم يفارقني هذا الشَعور المزعج فشحب وجهي وحوَقت عيناي ونقص وزني لم أعد أريد الخروج ولا الدَراسة ولا رؤية أصحابي كنت أنظر إلى ألبوم صور قديم لي وأبكي وأقول: عندما كانت الحياة حلوة.
كنت أظنَ أن الحياة لن ترجع مثلما كانت عليه، حاولت أن أحرق دبري لكي أتخلَص من هذا الشعور المزعج لكن لم أستطع! وفي صبيحة يوم أحد دخل عليَ عمَي إلى الغرفة سألني: ما الَذي يحصل لك يا بنيَ لقد سمعتك الليلة الماضية تبكي وتسأل اللَه مساعدتك وكلَ العائلة لاحظوا أنَك متأزَم وغير طبيعي!! فسردت له قصَتي وبكيت فطبطب على كتفي وقال أنت رجل لا تخف!! طلبت منه أن يأخذني إلى طبيب الأعضاء التناسليَة ففعل لكنَ الطَبيب أخبرني أنَه لا يستطيع مساعدتي وعليَ زيارة الطبيب النفساني كما أعطاني أقراصا مهدَئة، واظبت على تلك الأقراص وفي ظرف شهر أو شهرين، كما أنَه لم يكن شيء رجعت طبيعيَا مثلما كنت عليه لم أفرح حتّى بالشفاء لأنّي لم أشعر به!! لا زلت لا أعرف ما هو سبب شفائي! هل هي الأقراص! أم مواساة عمَي لي!!
المهمَ رجعت الحياة طبيعيَة ونسيت ذلك الكابوس تماما وتعرّفت على فتاة أوروبيَة تزوَجت وهاجرت إلى أوروبا وكانت قدرتي الجنسيَة طبيعيَة والشعور باللَذة أشعر به إلَا في ذكري! لكن بعد حوالي أربع سنوات من الحياة الطّبيعية ومنذ أسبوعين من اليوم شاهدت فلما عربيَا كان فيه شخصيَة رجل شاذَ كما دخل زميل جديد في نفس الشركة التي أشتغل فيها وهو أيضا شاذَ، أخبرني أنَه كان طبيعيَا إلى سن الواحد والعشرين ثمَ أحبَ رجلا وتحوَل إلى شاذّ، فرجعت الوسوسة والخوف، كما أصبحت أشعر باللذة الجنسيَة أحيانا في مؤخّرتي وأحيانا في ذكري لكن أغلب الأحيان في مؤخَرتي وهذا يزعجني جدَا يا سيَدي الطّبيب.
وها هي أسئلتي: هل أنا موسوس فقط!! أم هذا شذوذ متعارض مع الأنا!! وإن كان شذوذاً متعارضاً مع الأنا هل يمكن علاجه!
والَلذة الجنسيَة التي أشعر بها في مؤخرتي عند ممارستي للعادة السريَة كيف يمكن أن تختفي ثانية!!
وأشكرك ثانية يا سيَد وائل أنت وكلَ المشرفين على هذا الموقع وأتمنَى أنَي لم أزعجك بسرد قصَتي بالتّدقيق!!
والسَلام
رد المستشار
الابن الفاضل “Majdi” أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، وشكرا كذلك على سردك لقصتك بالتدقيق فهذا مهم فعلا لتوضيح التطور المعرفي لوسواس الشذوذ الجنسي كما سأبين بعد قليل ولكنني ردا على أسئلتك كي تطمئن أقول أنت موسوس فقط يا “Majdi” ولا علاقة فعلية لك لا بالشذوذ المنسجم ولا اللا منسجم مع الأنا.
حادثة كثيرا ما تحدث أن يتفق أحدهم مع إحداهن على ممارسة الجنس ثم يفاجأ بفشل الانتصاب لأول مرة في حياته رغم أن له خبرات سابقة… وكثيرا ما تمر الحادثة دون كثير أثر غير الحرج وربما العظة فبعضهم يفسر ما حدث على أنه كان حماية من الله له كي لا يمارس الجنس في الحرام وبعضهم يفسر ذلك بأنه بسبب الشعور بالذنب… لكن نفس الحادثة أيضًا كثيرا ما تكون بداية لأي من اضطرابات القلق المتمركز حول القدرة الجنسية الذكرية ويبدأ الضحية بعدها رحلة لا تنتهي بسهولة بين أطباء الذكورة والأطباء النفسانيين،… وهذا لم يحدث مباشرة معك إلا أن الخبرة بقيت كذكرى حية في عقلك.
ثم عندما أغواك حب الاستطلاع بأن تدخل إلى بروفايل ذلك الشاذ على الإنترنت ورأيت صوره التي وضعها لتثير زواره فوجئت بذكرك ينتصب وهنا انتهز الوسواس الفرصة وقفز إلى ذهنك كاستنتاج خطير: ما دامت صورة ذكر تثيرني إلى حد الانتصاب بينما لم تثرني امرأة إذن فأنا شاذ! وكأن هذا هو التفسير الوحيد!
الحادثة الأولى كانت طبيعية الحدوث ومتواترة وكذلك الحادثة الثانية -أي أن تثيرك صور ذلك الشاذ- طبيعية الحدوث فكثيرا ما تقول إحداهن جذبتني أجساد النساء هل أنا شاذة؟ وكثيرا ما يقول أحدهم أيضًا تجذبني أجساد الرجال فهل أنا شاذ…. المثير هنا غالبا هو الحالة التي فيها طلب للجنس وإغراء بممارسته سواء جاء من رجل أو امرأة….. صحيح أن رد فعل الاشمئزاز كثيرا ما يكون رد فعل الإنسان الغيري على رؤية ممارسة الشذوذ من بني جنسه إلا أن ذلك لا يحدث في كل الظروف وغالبا لسبب ما في الظروف المحيطة بالحادثة ومما لا شك فيه أن ذلك الشاذ متمرس على الإغواء والصور كثيرا ما تظهر المثير وتخفي المنفر.
تبقى عندنا مشكلة الشعور الخلفي بالإثارة في الدبر وفي هذا الشعور إشكالية كبيرة للموسوس المسكين حيث يظهره الوسواس على أنه الدليل الذي لا يرد على الشذوذ بينما حقيقة الأمر ليست كذلك لأن الدبر جنينيا هو جزء من المَذْرق Cloaca الذي يتمايز إلى الجزء الخارجي من القناة الشرجية وفتحة الشرج والقضيب وكيس الصفن في الذكور أي أن المنشأ الجنيني لكل من الأعضاء التناسلية والقناة الشرجية واحد، وهو ما يعني أن الإمداد العصبي والدموي واحد أي أن التلذذ جنسيا من الدبر ممكن بيولوجيا لكل من الرجل والمرأة بغض النظر عن وجود الشذوذ من عدمه…. ويبدو في رأيي أن المكان الذي يحس فيه الإنسان بالأحاسيس الجنسية أو يرجع له الأحاسيس الجنسية يتأثر لا فقط بالتعلم من الخبرات السابقة وإنما أيضًا باستعدادنا الفكري والشعوري وبالتالي فإن بإمكان الوسواس أن يلبس عليك الأمر لأن الموضوع حاضر في ذهنك ويمثل مصدر قلق نشط…. بينما لا ينتبه الذكر العادي لمثل هذا الشعور بالإثارة ببساطة لأنه يرجع مشاعر الإثارة الجنسية لديه فقط إلى القبل أو القضيب وليس الدبر.
كذلك يمثل الشعور الخلفي بالإثارة مشكلة تشخيصية في كثير من الأحيان للطبيب النفساني ذلك أن المعتاد في الوسواس القهري هو وجود أفكار تسلطية أو صور تسلطية أو اندفاعات تسلطية وليس وجود مشاعر جسدية تسلطية Obsessional Bodily Feelings فمثلا يشعر الواحد بقشعريرة في الدبر أو بشعور خلفي ما في المؤخرة عند وجوده مع أو رؤيته لأحد الذكور… ومثل هذا النوع من المشاعر الجسدية لا يدخل ضمن الوساوس حسب التوصيف والتصنيف في الطب النفسي وإنما يعتبر هلوسة Hallucinations صحيح أن الفكرة –التسلطية أيضًا- دائما موجودة إما لتفسر ذلك الشعور أو لتربط بينه وبين معنى ما غالبا مزعج أو مخيف بالنسبة للشخص، إلا أن هذا لا يبرر إهمال دراسة الظواهر الحسية الجسدية التي يمكن أن تصاحب حالات الوسواس القهري فهناك كثيرين من المرضى يشتكون من ما لا يمكن تفسيره إلا على أنه هلاوس فمثلا من تشم رائحة الغاز قادمة من المطبخ عندما تتسلط عليها فكرة أنها لم تغلق أنبوب البوتاجاز فيصبح ذلك دليلا على أنها لم تحسن إغلاق الأنبوب، وهناك من يسمع صوت سيارة الإسعاف أو عربة البوليس عندما تتسلط عليه فكرة أنه دهس أحدهم بالسيارة فيصبح الصوت دليلا أنه دهس أحدهم فعلا وبنفس الطريقة هناك من ضحايا وسواس الشذوذ الجنسي يشعر الواحد بقشعريرة في الدبر أو القضيب عند وجوده مع أو رؤيته لأحد الذكور أو عند رؤية صور الشذوذ إلخ… فيصبح ذلك دليلا لا يقبل الجدل في رأيه على انحراف ميله الجنسي.
إذن فالَلذة الجنسيَة التي تشعر بها في مؤخرتك عند ممارستك للعادة السريَة لا يمكن أن تختفي إلا بإهمالك لها وسوف تجد أنها تخفت بالتدريج حتى تختفي تماما بعد العلاج من وسواس الشذوذ الجنسي ويمكنك أن تقرأ في ذلك مقالا يعينك لكنه لا يغني عن العلاج المعرفي السلوكي: الشذوذ الجنسي والوسواس القهري: علاج وسواس المثلية.
المصدر: http://maganin.com