أحب صديقي لدرجة العشق ،،، أرشدوني ؟
استشارات نفسية
عمري 18 عاماً، من النوع الاجتماعي، ليس لي أصحاب كثر؛ لأني أشعر بعدم الرغبة في وجودي؛ ولأني لا أرتاح لأي أحد، ولا أحب أن أكون مع أحدٍ إلا عندما أكون مرتاحاً مئة في المئة، فأصحابي يُعدون على الأصابع، رغم أني دائماً أبحث عن الصديق، وقد تعرفتُ على صديقٍ، وأحببته لدرجةٍ لا توصف، حتى إني أغار عليه من أهله، ومن أصدقائه، وأشعر بالضيق إذا تكلم مع أحد منهم، وأحبه لدرجة العبودية! وهدفي في الحياة هو أن أظل معه أطول فترةٍ ممكنة، ويكون في خيالي لفترةٍ طويلة، وأشعر بالحنان والطمأنينة في أحضانه، وأحبه أكثر من أهلي بكثير؛ فعلاقتي ضعيفة بأمي وأخواتي، ووالدي متوفى، ولذلك هو بمثابة والدي، وأظن أن نصف نشأتي الاجتماعية كانت معه، علماً أني تعرفت عليه منذ عامٍ فقط، وأشعر أنه أبي فعلاً، ووصلت لدرجة أني أعشق رائحته، ورائحة فمه، وأفرح عندما أعانقه أو أقبله، أو أمسك يده، أو يحدث أي تلامس بيني وبينه، ويكون كثيراً في أحلام اليقظة، والغريب أني أقوم بتقليده كثيراً في الملبس، وفي المأكل، وفي طريقة المشية، وطريقة التعامل مع الناس، فقد أصبح هدفي الوحيد في الحياة، وجاءني الضغط بسببه، وآخذ concore عندما نتشاجر.
نقطة مهمة جدا أحب أوضحها: لا توجد ولم تحدث بيننا أي علاقة شاذة، لكني أشعر بأني شاذ؛ لأني أتذكره في العادة السرية، وتسحرني ابتسامته، وأشياء من هذا القبيل، وأشعر أن هذا سببه الفراغ القاتل.
أريد حلولاً وخطوات عملية بعيدة عن أن أتركه؛ لأني لا أستطيع، وأرجو الاستفاضة في الإجابة، وكيف أجعله يحبني كما أحبه؟
المستشار: د.ياسر الشلبي
ابني الكريم، أسأل الله تعالى أن يملأ قلبك بحبه، وأن يرزقك العفاف والغنى، وبعد:
من الجميل أن يكون للمرء صديق يحبه محبة الأخ لأخيه، فإن الحب والوفاء، والود والإخاء، حقيقةٌ وجدانية، بل أمرٌ فطري جبلت عليه النفوس البشرية، لا بل هو من الإيمان إن كان خالصاً للرحمن، فالأخوة الحقَّة، والمحبة الصادقة تولّد في النفس أصدق العواطف النبيلة، وأخلص المشاعر الصادقة، دون تكلف، أو شعور بالمشقة والعناء، بل في أريحية، وحسن أداء، وطلب الأجر من رب الأرض والسماء، وعلى من عثر على أخٍ في الله أن يتمسك به، ويحافظ على تلك الصداقة، ويبعد عنها كل ما يشوبها ويعكر صفوها، ومما يعكر صفوة الأخوة: أن تتحول من الحب الخالص إلى التعلق والإعجاب الشخصي الذي يوصل بها المهالك.
وفي حالتك -بني- فإن تعلقك العاطفي بهذا الصديق قد يعود لشعورك بالحرمان بفقد والدك، ولعدم وجود تفاهم عميق بينك وبين بعض أفراد عائلتك المقربين، وقد عثرت على من يعوضك جزءاً من ذلك الحرمان، ووجدت الراحة والشعور بالحب والحنان، والاهتمام والاحترام، والانجذاب تلقائياً؛ لوجود صفات ٍلديه لم تجدها عند غيره، وتفهم لك، فأصبح المحبب والعزيز على قلبك، لكنك أخطأت في طريقة التعبير عن عواطفك، وفكرت بها بطريقة جنسية غيرت نوع العلاقة التي بينكما، ولو استمر الحال على ما هو عليه قد تصلك بك إلى ما لا يحمد عقباه –لا سمح الله-؛ لذا أنصحك بما يلي:
– إن كان صديقك هذا من الأصدقاء الصالحين الطيبين؛ فاحرص على أن تحافظ عليه، واجعل العلاقة بينكما مبنية على ما يرضي الله ورسوله، والتواصي بالخير، واجعل تلك العلاقة متزنة، وعلاقة احترام وأخوة في الله، واجعل شعورك نحوه شعوراً بالحب النبيل الصادق، البعيد عن المصالح وحظوظ النفس، ولا تسمح لهذه العلاقة بالضياع بشكوكك، أو الانحراف نحو الشذوذ، سواءً بالفعل، أو مجرد التفكير.
– إن كان صديقك هذا من أصدقاء السوء؛ فابتعد عنه، وابحث عن الصديق الصالح، فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
– احذر أن تبالغ في التعلق بهذا الصديق أو غيره؛ كي لا تسبب لك وله الضيق، فمن الحب ما قتل، واجعل عبوديتك وتذللك لله تعالى وحده، واحرص على توسيع دائرة أصدقائك وعلاقاتك الاجتماعية بأهل الخير والصلاح، والتفوق والنجاح.
– احرص على تقوية علاقتك بربك؛ من المحافظة على الصلاة، وصيام النوافل، وقراءة القرآن، والبعد عن كل ما يغضب الله، فالسعادة مربوطة برضى الله تعالى.
– عدل أسلوب حياتك وطريقتك في التفكير، ومارس بعض الهويات المحببة لديك، من أنشطة رياضية، وقراءة بعض الكتب، ومن الكتب التي أنصحك بقراءتها: كتاب “الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي” لابن القيم الجوزية؛ ففيه الإجابة عن كثير من الأسئلة التي تجول في خاطرك، وتتعلق بمشكلتك.
– إذا شعرت بضيق، وعدم القدرة على التحكم في مشاعرك؛ فأنصحك بزيارة أحد الأطباء أو المختصين النفسين؛ ليساعدك في التغلب على تلك المشاعر السلبية .
أسأل الله تعالى لك الهداية، وأن يعيذك من شر نفسك والشيطان .
المصدر: http://www.mostshar-raf.com/