إبني يشاهد أفلام جنسية ، ماأفعل ؟

   السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو من الله ثم منكم مساعدتي في مشكلتي: طفلي عمره 6 سنوات، ويشاهد اليوتيوب كثيرًا، وكثيرًا ما أكشفه يشاهد المقاطع الإباحيه رغم الحظر المتشدد، وفي أول مرة كشفته لا إراديًا ضربته خوفًا من الموقف، وفي الثانية تكلّمت معه بهدوء، وحرمته من الجهاز، وبعد ذلك رجع يشاهدها!.

أنا جدًا متعبة وخائفة عليه، أنقذوني قبل أن يضيع طفلي.

المستشار: أ. فدوى الشمايله

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وشكرًا على تكرّمكم بطلب الاستشارة من موقعكم “مستشارك الخاص” وثقتكم بنا، آملين في تواصلكم الدائم مع الموقع، وبعد:

 

أختي الكريمة: طمأن الله قلبك، وحفظ طفلك من كل سوء، واطمئني -أختي- وتفاءلي خيرًا -فبإذن الله- لن يضيع طفلك، وأنا أدرك مدى ما تشعرين به من قلق وهلع، ولكن هذا أمر يتطلب منك الهدوء وضبط النفس والحكمة في التعامل، وإنّ الانفعال والتسرع في ردود الأفعال لن يزيد الأمر إلا سوءًا.

 

ومن الجميل أنّك قد عدت عن خطأك في معالجة الأمر بضربه بداية، واستخدمت النقاش والحوار معه بعد ذلك، واعلمي -أختي- أنّ ضربك وتعنيفك له يجعله يركز على هذا الأمر أكثر، ويعزز من رغبته في مشاهدة هذه المقاطع أكثر، وطفلك ما زال صغيرًا، ورغم أنَّ مشاهدة هذه الأمور في هذه السنّ الصغيرة قد يترك تأثيرًا سلبيًا بالغًا على نفسية الطفل إن لم يعرف الأهل كيف يتعاملون مع الأمر بطريقة صحيحة، إلا أنَّ صغر سنّه يجعل فرصته أيضًا في أن يتجاوز هذا الأمر، ويتخلص منه أكبر أيضًا؛ ذلك أنَّه ما زال طفلاً، وليس لديه الإثارة الجنسية التي تدفعه إلى التعلق بمشاهدة هذه المناظر.

 

وعادة فإنَّ مدى تأثر الطفل يختلف من طفل لآخر، فكلّما قويت شخصية الطفل وكان أكثر مرونة وأقل حساسية وتأثرًا بالأمور، كلّما كان التأثير أخفّ، وتجاوزه مع الوقت.

 

وطفلك لا شكّ قد اكتشف هذه المواقع عن طريق الصدفة، فقد تظهر مثل هذه المواقع فجأة خلال تصفحه لمواقع ألعاب أو فيديوهات أخرى، أو خلال بحثه في اليوتيوب عن فيديوهات الألعاب، وقد أثارت فضوله بالطبع، فدفعه فضوله ورغبته الطفولية في الاستكشاف إلى مشاهدتها، وإلى البحث عن المزيد منها؛ لأنها بالنسبة إليه شيء غريب يثير فضوله ويستحوذ عليه، وليس هنالك أي دافع جنسي لمشاهدته لهذه المقاطع في سنّه هذا، إنّما هي المتعة وحبّ الفضول، وغرابة المشاهد بالنسبة إليه، وشعوره بأنّه يشاهد شيئًا يثير الاهتمام.

 

وإنَّ التربية في الصغر هي الأساس في بناء شخصية الطفل وتفكيره، والأم الواعية الحكيمة هي التي تستغل المواقف والفرص لتعليم أبنائها السلوك القويم، وتغرس فيهم الشعور برقابة الله تعالى لهم، واطلاعه على تصرفاتهم، وتعرفهم بالحلال والحرام، وتنمي الثقة بينها وبينهم، وتعلمهم كيف يراقبوا أنفسهم بأنفسهم، وكيف يبتعدوا عن الخطأ، حتى وهم لوحدهم.

 

  • أول ما تفعلينه هو: أن تجلسي مع طفلك وتتحدثي إليه بالحوار والنقاش وبصوت يخلو من الغضب وبملامح يملؤها الهدوء؛ حتى لا يخاف ويتهرب من الحديث إليك، وأن تحاولي أن تعرفي منه أولاً كيف بدأ بمشاهدة مثل هذه المقاطع، وكيف تعرّف عليها حتى تتجنبي الأسباب المؤدية إليها وتعالجيها، ثم حدثيه أنّ النظر إلى هذه الفيديوهات والمقاطع يغضب الله تعالى؛ لأنّها حرام، وهي من  الشيطان، وأخبريه أنَّ الله تعالى قد أنعم علينا بنعم كثيرة ومنها البصر والسمع، وجعلنا مسؤولون عن هذه النعم بأن نوجهها في مرضاة الله، فلا ننظر للحرام ولا نستمع إليه، وأنَّ الولد المؤمن الذي يحبّ الله تعالى ويرغب أن يفوز بالجنة يطيع الله تعالى فيما نهاه عنه.

 

واسأليه: (هل تريد أن تطيع الله أم تطيع الشيطان؟)؛ لأنَّ الشيطان هو الذي يوسوس لك بأن تشاهد هذه المناظر، ويشجعك على ذلك، وهو يريد بهذا أن يغضب الله تعالى عليك، فيضحك منتصرًا عندما تشاهد هذه المقاطع، ويشعر أنّه قد تمكن منك، لكنّك تستطيع أن تكون أقوى من الشيطان، وأن تقهره أنت وتغلبه ولا تجعله يغلبك، فكلّما وسوس لك أن تشاهد هذه الأمور قل: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، وقل: (لن تستطيع أن تغلبيني يا شيطان، وأنا أقوى منك لأني مومن).

 

وقولي له: إن ظهرت هذه المناظر صدفة فأغلقها حالاً، ولا تنظر إليها وتعال وأخبرني بها، وركزي على الحلال والحرام، وعلى رضا الله تعالى وقهر الشيطان.

ثم إن كان له أسئلة، واستفسر منك عمّا رأى، فأجيبيه بصراحة دون تمويه ولكن بطريقة مبسطة قريبة من تفكيره، وأخبريه أنَّ هؤلاء الذين في هذه المقاطع هم كفار لا يخافون الله تعالى ويفعلون الحرام، لكنّنا نحن المسلمون لا نفعل الحرام، وأخبريه أنَّ هذه أمور خاصة بالكبار، ولكن في الإسلام لا ينبغي أن تكون إلا في إطار الزواج، ولا تتوسعي في الشرح، بل لتكن إجاباتك مبسطة بحيث تصححي تفسيره وفهمه لما رأى، دون تفاصيل في الشرح، ودون تمويه أيضًا.

وينبغي أن يكون هنالك رقابة دائمة على استخدام أبنائنا لهذه الأجهزة، فيوضع جهاز الكمبيوتر في مكان عام كالصالة مثلاً، وليس في غرف الأطفال، وإن احتاج إلى اللعب على الجوال أو الآيباد، فليجلس قريبًا منك لا يغيب عن ناظرك، وليكن هنالك مدة محددة لاستعماله له تحت نظرك، وهنالك برامج تستخدم لحجب مثل هذه المواقع عن طريق اختيارات جوجل، واختيار خيارات الوضع الآمن، أو حتى تنزيل برامج حماية وتحكم معينة لمنع المواقع الإباحية منها: برنامج يعرف ب (anti-porn).

ثم ينبغي أن تبدئي بتعليم طفلك بعض القواعد الدينية المهمة التي أمرنا بها ديننا الحنيف من ستر للعورة، وألا يبدل ملابسه أمام أحد، وأن يتعلم خصوصية جسمه، وأنّ هنالك مناطق معينة في الجسد تسمى مناطق خاصة، لا ينبغي أن نسمح لأحد بالنظر إليها أو بلمسها أيًا كان، ثم تعلميه قواعد الاستئذان عندما يريد الدخول إلى غرفة نومك، وأوقات الاسئذان التي أمرنا بها الشرع، قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

كما ينبغي أن يتمّ التَّفريق في المضاجع بين الأخوة اتباعًا لتوجيهات ديننا الحنيف، حتى ينشأ الطفل على معرفة الحلال والحرام، ونأخذ بالأسباب التي أمرنا بها الشرع.

  •  ولكي تهيئي لطفلك نسيان هذا الأمر والانشغال عنه، وهو الأمر الأهم في التعامل مع هذه المشكلة، فاملئي وقته بنشاطات كثيرة، وأشغليه بأمور يحبها ويفرّغ بها طاقته؛ فكلّما زادت النشاطات التي تشغله كلما انشغل عن التفكير بهذا الأمر حتى ينساه.

سجلي طفلك في رياضة يحبّها بحيث يمارسها بشكل يومي فتشغله عن الجوال وعن التفكير بما رأى من مقاطع إباحية، وهيئي له فرصًا كثيرة للعب مع أصدقائه سواء في البيت أو خارجه، فأنت مهمتك الآن أن تحاولي أن تبقيه مشغولاً عن التفكير في مثل هذه الأمور حتى يتجاوزها وينساها -بإذن الله-.

حمليه بعض المسؤوليات داخل الأسرة بحيث يتعلم مهارات جديدة، وينشغل بأشياء نافعة، فمنها تقوي شخصيته وثقته بنفسه، وهذا أمر يجعله أكثر قدرة على التعامل مع التحديات والتأثيرات التي يتعرض لها، ومنها تشغله عن الإلكترونيات، وتبعده عن احتمالية مشاهدتها مجددًا.

علّميه الصلاة وشجعيه وكافئيه عليها، وحدّثيه كثيرًا عن الجنة وما فيها من أمور تهواها النّفس، وصوريها له بطريقة أقرب لتفكيره؛ فالأطفال ينبهروا بوصف الجنة خاصة عندما تحدثيهم أنّهم بإمكانهم أن يتمنوا أي شيء ويحصلوا عليه، وحدثيه عن السلوكيات والأخلاق التي تقوده للجنة، ومنها الامتناع عن النظر إلى الحرام.

ابتعدي تمامًا عن الضرب أو العنف أو المبالغة في التركيز والحديث حول المشكلة؛ فالضرب يزيد من فضوله، ويزيد من تحديه.

  • وإن الأساس في تربيتنا لأبنائنا ينبغي أن نقوم بزرع الرقابة الشخصية داخلهم منذ الصغر، باحترامهم ومحاورتهم ونقاشهم، وببناء الثقة بيننا وبينهم، مع الاستمرار بزرع وتقوية الوازع الإيماني في نفوسهم، وتعليمهم الحلال والحرام، وانتهاز الفرص الحياتية اليومية لتعليمهم أمور دينهم ومكارم الأخلاق.

وينبغي بأن نكون نحن الأهل القدوة لأبنائنا في تقوانا وطاعتنا، وبالحث على تقوى الله واستشعار مراقبته لنا، وكثرة تذكير الأهل والأبناء بها، وبالمداومة على فعل الصالحات وترك المنكرات، كما ينبغي مراقبة الله تعالى في سلوكنا كله سرًا وعلانية كي يصلح الله تعالى لنا في ذرياتنا، قال تعالى: {وأمّا الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان أبوهما صالحاً}، وقال سعيد بن المسيب: “إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي” فينبغي أن لا نغفل عن دورنا نحن في صلاح أبنائنا وحفظهم.

دمتم في حفظ الله ورعايته.

 المصدر : موقع راف