مخاطر الجنس الالكتروني
الجنس.. كلمة لها دلالات كثيرة لا تشير إلي المتعة الحسية فقط بل تعبر أيضاً عن ثقافة خاصة تختلف من مجتمع لآخر. افتقاد هذه الثقافة يؤدي إلي مخاطر عِدة تهدد الشباب والمراهقين، فمع انتشار الإنترنت بقوة خلال السنوات الأخيرة بدأت تظهر العديد من المواقع الألكترونية الإباحية التي تروج للجنس وممارسته عبر شاشات الكمبيوتر وغرف الشات بعيداً عن رقابة الأهل، ولعل أبرز المشاكل التي تنتظر هؤلاء الشباب المنكب علي ممارسة الحرام ألكترونياً هو الإصابة بالعجز الجنسي وعدم القدرة علي ممارسة العلاقة الحميمة في حالة الزواج مستقبلاً. هذه الظاهرة الخطيرة طرحناها للنقاش مع نخبة من خبراء علم الاجتماع ورجال الدين مع رصد لحالات مختلفة لممارسي الجنس الألكتروني علي شبكة الإنترنت.
تجارة مربحة
تقول د.نادية رضوان أستاذة علم الاجتماع في جامعة قناة السويس: رغم أن الأفلام الإباحية تعتبر من المحرمات في المجتمعات العربية، إلا أنها تحولت إلي تجارة مزدهرة في الخفاء. هذه التجارة يمكن أن تدر أموالاً طائلة علي المروجين لها، وتستحوذ علي اهتمام كبير من قبل المراهقين الذين عادة يتفننون ويبتكرون وسائل جديدة للحصول علي فيلم إباحي في الخفاء. ومع تطور الوسائل التقنية أصبح الشباب يمارس الجنس علي الإنترنت من خلال غرف الدردشة (Chat ) وفتح الكاميرات فيما بينهم، الأمر الذي ينذر بخطر حقيقي يهدد المجتمع لأنه كارثة اجتماعية وأخلاقية.
وأكدت رضوان أن الإنترنت ساعد في تحطيم حواجز الفصل بين الشباب العربي ذكوراً وإناثاً، من خلال إتاحة الفرصة أمام الفتاة لاستعراض مفاتن جسدها أمام الكاميرا ليراها صديقها وهو يجلس في غرفته، ما يعني أن كل شيء بات مباحاً داخل غرف الدردشة.
الظاهرة الأخطر – بحسب د.رضوان – تكمن في أن وسائل “الجنس الألكتروني” أصبحت كثيرة وغير مكلفة، فسرعان ما تحول الجنس الألكتروني في أوروبا إلي باب للرزق من خلال اختيار اسم مستعار للإيقاع بالزبائن من الشباب علي برنامج المحادثة المعروف “ماسنجر” وشراء بطاقة شحن للهاتف الجوال، وعادة تلجأ الساقطات إلي هذا الأسلوب خوفاً من الفضيحة والأمراض المُعدية، كون الإنترنت يوفر كل متطلبات الأمن الجنسي، والأمن الاجتماعي، وأقل خطراً مقارنة بممارسة الجنس الحقيقي.
الجنس الألكتروني..إدمان
في الآونة الأخيرة انتشرت تحذيرات عدة تطالب بالحد من ظاهرة الجنس الألكتروني وتشرح خطورته في التحول إلي مأساة يمكن أن تسبب عجزاً جنسياً لشباب في مقتبل العمر، وكان آخرها التحذيرات التي أطلقتها د.شيماء محمد الهادي الدويري (أخصائية علاج الإدمان) مؤكدة أن ظاهرة الجنس الإلكتروني تفاقمت في السنوات الأخيرة وبدأت تتوغل في أوساط الشباب العاجزين عن الزواج، مشيرة إلي أن الجنس الألكتروني قد ينتهي بالشخص إلي الإصابة بالعجز.
وأشارت إلي أن هذه الظاهرة تشمل نسبة كبيرة من المتزوجين نساءً ورجالاً، في ظل تطور وسائل وتقنيات الاتصال وتنوعها وتواضع تكلفتها، ما أفرز كماً هائلاً من المشاكل الاجتماعية والنفسية التي انعكست سلباً علي حياتهم، موضحة أنها أعدت دراسة علي 17 موقعا ألكترونياً، وتوصلت إلي أن 65٪ممن يدخلون إلي غرف الدردشة مدمنون للجنس الألكتروني، و45٪ منهم متزوجون، وللأسف يظن رجال كثيرون أن تصفح المواقع الإباحية، ومراسلة الفتيات في مواقع الدردشة العامة، والانخراط في علاقة علي الإنترنت أمر غير ضار للعلاقة الزوجية، وكأنه شيء من اللهو البريء.
خيانة زوجية
ويري د.أنور عطية (أستاذ علم الاجتماع) أن الحقيقة أكبر من هذا فهذه المواقع المفتوحة للدردشة السهلة، والصور الإباحية، والتي تروج للعلاقات الجنسية علي الإنترنت تولد نوعاً من الارتخاء في العضلات التي تحيط بالعلاقة الزوجية وتجعلها ضعيفة، ومتهالكة أمام أتفه الأسباب.
بالإضافة إلي الجزء الأخلاقي من الموضوع، حتي لو أنه كان مجرد تصفح بريء – كما يدعي البعض – لبعض المواقع الإباحية فإنه يبقي خيانة للعلاقة الزوجية التي يجب أن تقوم علي الثقة المتبادلة.
ولعل الأكثر غرابة ظهور مواقع ألكترونية تكشف عن حالات مدمنة للجنس الألكتروني وتعرض لعدد من الحالات منها من يقول “أنا مدمن جنس ألكتروني، أحب أن أجعل البنات تمارس ذلك معي علي الإنترنت وأن أري أجسادهن”. بينما يقول آخر “أريد الإقلاع عن هذه العادة لكنني لا أستطيع، فقد أدمنت عليها.. في داخلي أخحل من نفسي كثيرا، لأن وضعي لم يعد معقولاً”.
وفي دراسة أجراها مختبر فايزر، والمعتمدة علي إحصاءات لموقع اليكسا للإحصائيات فيما يخص الشبكة العنكبوتية، كشفت أن الدول الاسلامية، غالباً تتصدر لائحة زيارة هذا النوع من المواقع، والأمر راجع بدون أدني شك إلي حرمة الجنس غير الشرعي في الإسلام، ما يجبر الشباب إلي إفراغ شهواتهم أمام الكمبيوتر عن طريق الإنترنت، وجاء فيها احتلال المغرب للمركز الخامس علي صعيد دول العالم من حيث بحث مستعملي الإنترنت علي كلمة سكس أو جنس في مواقع البحث، بعد دول شرق آسيا، ثم الإمارات العربية فمصر، وهذا يدل علي سيطرة الغريزة الجنسية علي شباب اليوم.
مخاطر عديدة
وتعلق د.مديحة الصفتي (أستاذ علم الاجتماع) بقولها: الجنس الألكتروني كمفهوم ظهر في العقود الأخيرة، وهو تلك العلاقة الشاذة بين آلاف الأقواس، والتي تجمع شخصين من جنسين مختلفين، أو من نفس الجنس، أو أكثر، بواسطة شبكة الإنترنت، سواء عبر برامج المحادثة، أو من خلال بعض المواقع التي تقدم هذه الخدمة لمشتركيها، وتكمن اللذة الجنسية حسبما يروي بعض مدمني هذه العلاقات، في أن المرء يكون متحرراً من أية قيود تمنعه من ممارسة الجنس، والذي يعتمد بدرجة كبيرة علي الجانب التخيلي، تماماً كما في مزاولة العادة السرية، فمن خلال إحدي القصص، قرأت أن إحدي الزوجات، كانت تتخلي عن فراش زوجيتها، لتلتجئ لعشيقها، حيث كانت تمارس معه الجنس الألكتروني، باستخدام الكاميرا حتي ساعة متأخرة من الليل.
وتضيف الصفتي: من ميزات هذه الممارسة أنها خيالية وخالية من الأذي الجسدي، إلا أنها تلحق أذي في نفس الفرد فقد تؤدي به إلي إدمان هذه العادة وعدم القدرة علي المضي دون ممارستها، كما أن الجلوس لساعات طويلة أمام الكمبيوتر لممارسة هذه العادة يؤدي إلي العزلة الاجتماعية بين الفرد والناس، وإصابته بالخمول.
فيما يحذر د.عبدالحكيم الصعيدي (أستاذ بجامعة الأزهر) من خطورة مثل هذه الممارسات غير الأخلاقية لأنها تصيب المرء بالانحطاط الأخلاقي وقد يؤدي إلي ذلك ممارسة الجنس بطريقة منافية للأخلاق في الواقع، كما قد يؤدي إلي أخطار كبيرة علي الأطفال من الناحية الأخلاقية خاصةً ما قد يلاقونه من محرمات إباحية علي الإنترنت بأي طريقة ممكنة في غياب رقابة الأهل.
المصدر : مجلة آخر ساعة