هل هذه التصرفات تعني اضطراب الهوية الجنسية لابنتي ؟
ابنة خالتي في الصف الأول الابتدائي، لها ميولات جنسية، منذ الصغر تهوى اللعب مع الأولاد، وإذا جلست مع البنات تمسكهن من مناطق مختلفة (تتحسس عليهن)، وتنظر إلى الأولاد عندما يدخلون الحمام أو يغيرون ملابسهم، وما جعلني أشكو لكم أن المدرسة اشتكت من أنها تذهب مع البنات والأولاد إلى الحمام، وتطلب منهم أشياء غريبة، مع العلم أنه لا يوجد لديهم نت أو دش أوروبي، وغرفة نوم أمها بعيدة عن غرفتها.
نرجو منكم الرد السريع وشكراً.
الإجابة
فالأمور الفطرية في الإنسان هو أن يتجه الذكر نحو متطلبات الذكورة، وأن تتجه الأنثى نحو متطلبات الأنوثة، هنالك حالات نادرة جدّاً يكون فيها نوع من الاختلاط في الميول الجنسية، وهذه الحالات أحياناً تكون ناتجة عن تركيبات هرمونية مختلفة، وفي بعض الأحيان تكون مجرد نوع من التهيؤ والارتباط النفسي هو الذي جعل الإنسان يميل للجنس المخالف لجنسه، أو أن يقوم بممارسات شاذة، وهنالك حالات لا تعرف أسبابها، أي: ربما يحصل فيها نوع من الشذوذ أو الاختلاف عما هو معروف ولا يعرف سببها.
حقيقة بالنسبة لهذه الطفلة أرجو أن يسعى الجميع لإنقاذها؛ لأن الأمر إذا لم يتم تداركه في هذا العمر ربما تحدث معوقات وصعوبات أكثر من ذلك، وأنا لا أريد أن أتهم أي جهة، ولا أريدكم أن تتهموا أي جهة، ولكن أعتقد أن هذه الطفلة قد تعلمت هذا الأمر من شخص ما؛ فلا يمكن أن تكون اكتسبته هكذا فطرةً، فهذا الأمر قد تعلمته، وربما يكون هنالك نوع من التهاون الذي حدث حين أبدت هذه الطفلة مثل هذه المشاعر والتصرفات من الوهلة الأولى.
وأعتقد أنه سيكون من الأفضل والأجدر أن تقدم إلى أخصائي نفسي، ولا أعتقد أن الأهل وحدهم يستطيعون تدارك وعلاج مثل هذه الحالة؛ لأنه من الضروري أن يجرى الكثير من التحليلات بالنسبة لهذه الطفلة حتى يدخل المعالج في أعماقها، ويستطيع أن يُخرج ما بداخلها، لكن هناك أيضاً واجب كبير على الأسرة، وهو أن تعرَّف الطفلة بجنسها، فربما أن الطفلة تعرف نفسها شكلاً أنها أنثى ولكن داخليّاً لا تعرف ذلك مطلقاً.
فلابد أولاً أن تستعمل الملابس التي فيها أنوثة أكثر، ولابد أن يكون هنالك إصرار على ذلك، وطريقة تسريحة شعرها لابد أن تكون كما هو معروف عند الإناث.
ثانياً: لابد أن يُشرح لها الفرق بين الذكر والأنثى من الناحية التشريحية، ولابد أن تُفهَّم بالضوابط الاجتماعية، وأفضل جدّاً أن تلبس الحجاب في هذا العمر لأن ذلك سوف يقدمها ويدفعها نحو الأنوثة، ولا شك أن الطفلة في حاجة ماسة جدّاً لأن يشرح لها المعالج النفسي أو أحد المقربين -وأفضل أن تكون أمها لأنها هي الأقرب، أو أخت كبرى مطلعة- لابد أن يشرح لها أن هذه الممارسات هي ممارسات خاطئة وشاذة، وتكون هنالك جلسة علاجية يومية، لا تقل مدتها عن نصف ساعة، ولكن بالطبع يجب ألا تخوَّف، ويجب أن تقوم العلاقة بينها وبين معالجها -في الأسرة أو خارج الأسرة- بل لابد أن تكون قائمة على المودة وعلى الأريحية والاسترخاء والطمأنينة، فهذا يساعدها كثيراً.
أيضاً هذه الطفلة يجب أن يوجد لها نوع من الصحبة لجنسها – وسط الإناث – وأفضل أن تكون هذه الصحبة من الأقارب أو أخواتها، حين يخرجن يأخذنها معهن وتكون هنالك رابطة قوية معها، وسيكون من الجميل أن يلجأ إلى العلاج النفسي الرمزي وذلك بأن ترسم الطفلة مثلاً صورة بنت وهذه البنت قد كبرت وتزوجت وأنجبت أولاداً، فهنالك الكثير من التصور الرمزي الجيد والذي يمكن أيضاً عن طريق اللعبة التي يمكن أن تحمل إشارة رمزية جميلة جدّاً للطفلة وتجعلها تكون أكثر تمسكاً وارتباطاً بجنسها، فعلى سبيل المثال: تعطى لها لعبة بنت كي تسرحها وتمشطها، وفي نفس الوقت نأتي بلعبة ولد أو لعبة في شكل صورة أسد أو حيوان ما، وهكذا، ونشرح لها الفروق، فهذا كله إن شاء الله يربطها بجنسها.
لا شك أن هذا النوع من العلاج يتطلب الوقت والصبر والتشجيع والترغيب، ولابد أن تنهى نهيّاً باتاً عن النظر للأولاد حين يدخلون الخلاء (الحمام) أو عند تغيير ملابسهم، ويجب أن تعرف ما هو عيب وما هو عار وما هو غير مسموح، فهذا لابد أن يفهم لها، وأعتقد أنها في هذا العمر يمكن أن تستوعب هذا.
سيكون من الجميل جدّاً أيضاً أن تؤخذ وتصطحب إلى المسجد -إذا كان هنالك مكان- لحفظ القرآن ومشاركة البنات في عمرها، أو إلى مركز لتحفيظ القرآن، فهذا أيضاً يربطها بجنسها وبقيمها.
هذه كلها وسائل حقيقة تساعد هؤلاء الأطفال، وهي تقوم على دراسات واضحة، كذلك يجب أن تقترب منها أمها وتشرح لها وتسعى لبناء شخصيتها، مثلاً: تشارك أمها في أعمال المنزل وتجعلها تميل إلى الطبخ -مثلاً- وتضعها في وضع موقع ربة المنزل، وهكذا، وتتصور أن لديها أطفالاً تقوم برعايتهم، هذا أيضاً من واجبات الأم، وهو في نظري ينمي لديها الجانب الذي يجعلها تكون أكثر ميولاً لجنسها.
أسأل الله لكم التوفيق والسداد، وأن يحفظ طفلتكم وأن يرعاها بكرمه.
وبالله التوفيق.