ابنتي تشاهد رسوماً كرتونية جنسية
السؤال
ابنتي ذات 12 عاماً، لاحظت عليها قبل فترة أنها تنظر إلى أنمي +18 وتبحث عن مقاطع للقطات جنسية إنمية، فتحدثت معها بصيغة عامة أن المشاهد تلك محرمة، فعادت لرؤيتها مرة أخرى، فأخذت جهازها لفترة طويلة.
الآن بعدما عادت ثقتي بها أرجعت الجهاز، وبالبداية لم تكن تبحث عنهم، لكن لما قلت لها إنني سوف أترك مراقبتها رجعت لرؤيتهم وبكثرة.
مع العلم أن طريقة مراقبتي لها عن طريق قناتي باليوتيوب تكون بجهازها القناة، فأرى بسجل المشاهدات لدي ماذا رأت. كيف التصرف معها ؟؟
الإجابة
أختي الكريمة: إن ما تشكين منه يكاد يكون الأمر الأكثر شكوى من قبل الأهل في هذه الأيام، فالانتشار الواسع لأجهزة الهاتف الذكية واقتناء أبنائنا لها، ومرافقتها لهم حتى في غرف نومهم؛ جعل فرصهم في مشاهدة المقاطع والصور الإباحية أمراً متاحاً وسهلاً، بل كثيراً ما تظهر مثل هذه المقاطع والصور بشكل فجائي كإعلانات خلال مشاهدتهم لليوتيوب أو الألعاب المختلفة، وتقودهم إلى مواقع أخرى، فيتنبه الأطفال إلى وجود مثل هذه الأمور، ويدفعهم فضولهم إلى استكشاف المزيد منها، والأطفال في هذه السن مليؤون بالفضول، كما أن ابنتك في مرحلة المراهقة، ولا شك أن مثل هذه الأمور بدأت تراود تفكيرها في ظل التغيرات الجسدية والعاطفية التي تمر بها في هذه المرحلة، خاصة وأن البنات والأولاد في هذه الفترة العمرية تكون لديهم رغبة ملحة في معرفة الأمور المتعلقة بالثقافة الجنسية، ومعرفة تكوين جسد الجنس الآخر، وكثيراً ما يكون الأصدقاء المحيطون هم من يبدأ بلفت نظر الأبناء إلى مثل هذه الأمور واستدراجهم إليها.
وأريد أن أنبه إلى نقطة مهمة، وهي أن الأساس في تربيتنا لأبنائنا وتقويمهم، ينبغي أن يكون بتأسيسهم وتربيتهم على مراقبة سلوكهم وتقويمهم بأنفسهم، وزرع الرقابة الداخلية في أنفسهم منذ نعومة أظفارهم، وذلك بتنشأتهم على معرفة الحلال والحرام، واستشعار مراقبة الله تعالى لهم في كل أمورهم، وتقوية الوازع الإيماني في نفوسهم؛ بحيث يتم انتهاز كل موقف يمر معهم لتعليمهم أمور دينهم وربطهم بخالقهم، هذا إلى جانب بناء جسور التواصل والثقة معهم، واحترامهم، وتعويدهم الحوار والنقاش والتعبير عن ما يدور في خلدهم للأهل، دون أن يكون الخوف من العقاب حائلاً بينهم وبين التواصل مع أهلهم وذويهم.
وإليك -أختي الفاضلة- بعض النصائح التي ستساعدك -بإذنه تعالى- في التعامل مع هذا الأمر:
أول ما تبدئين به هو تفويض أمرك إلى الله تعالى بالتجرد من حولك وقوتك، وبأن الحول والقوة في صلاح الأبناء كله بيد الله تعالى، وأن الخير كله والصلاح هو توفيق من الله تعالى، والتوجه إلى الله بالدعاء والرجاء، والإكثار من الدعاء لابنتك بالصلاح.
أن تجلسي مع ابنتك جلسة مصارحة، وتحدثيها بمعرفتك بعودتها لمشاهدة مثل هذه الصور والمقاطع المحرمة، دون إظهار الغضب، ودون تعنيف وتأنيب، ولكن بتذكيرها بمساوئ مشاهدة مثل هذه الأمور وبحرمتها، وبأن النظر إلى الحرام هو زنا العين، وبتذكيرها باستشعار مراقبة الله تعالى لها وهي تنظر إلى الحرام، فلا ينبغي أن نجعل الله تعالى أهون الناظرين إلينا، ثم تعريفها بأن النظر إلى الحرام أمر يشبه الإدمان؛ فإن استمررنا فيه، فسندمن عليه، وقد يسيطر على تفكيرنا، ويجرنا إلى أمور أسوأ وعواقب وخيمة.
العمل على تقوية الوازع الديني لديها؛ لأن الأصل هو الرقابة الداخلية النابعة من النفس، ومن خشية الله تعالى، بالنصائح الدينية المباشرة وغير المباشرة، وبحثها وتشجيعها على الالتزام بالصلاة، فالصلاة تدفعنا إلى مراقبة أفعالنا وأحوالنا، وحدثيها كيف أن تقوى الله تعالى هو الأصل في الصلاح والتوفيق كله، وأنها عندما تحفظ الله تعالى في نفسها وأمورها، فإن الله في المستقبل سيرزقها أيضاً بالزوج الصالح الذي يحفظ نفسه وقلبه لزوجته، وأن تقواها لله في نفسها هو الطريق إلى سعادتها في زواجها وحياتها لاحقاً.
تعليق الآيات والسور القرآنية في المنزل في كل الغرف، وخاصة الآيات التي تذكر الإنسان بمراقبة الله تعالى له مثل: {إن الله كان عليكم رقيباً}، {ألم يعلم بأن الله يرى} ، {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}، وغيرها الكثير.
الإكثار من الاستماع إلى القرآن الكريم في البيت؛ فالقرآن يطرد الشيطان من البيت، ويذكر بمراقبة الله تعالى، ويدفعنا إلى الخجل من عصيانه ونحن نستمع إلى كلامه.
أن تحدثي ابنتك بأنك قد منحتها الثقة، وكنت تتوقعين منها أن تحقظ ثقتك بها، لأن الثقة إذا ما كسرت فليس من السهل أبداً إعادة بنائها، وأخبريها أن عليها الآن أن تبذل جهداً مضاعفاً لتقنعك أنها أهل لثقتك، وتبرهن على ذلك، وأنك ستسحبين الهاتف منها حتى تري وتقتنعي بتغير سلوكها.
أن يكون هنالك رقابة مستمره على الأجهزة الإلكترونية سواء الهاتف أو الكمبيوتر، وأن تضعي شروطاً لاستخدام ابنتك للهاتف، إن كنت ترغبين بإعادته لها، بأن لا يتم استخدامه إلا في الصالة، وبأن لا تستخدمه في غرفة نومها أو في خلوة، وأن يتم تسليمه لك ليلاً عند ذهابها لغرفتها، واجعلي هذا قانوناً ينطبق على الجميع وليس عليها بمفردها، أي يشملك أنت أيضاً وأباها، بحيث لا تشعر بأن هذا أمر مفروض عليها وحدها بل يطبق على الجميع.
حذف اليوتيوب من هاتفها، وكذلك محركات البحث، واقتصاره على الألعاب والمواقع الآمنة، وكذلك مراقبة ما تشاهد في التلفاز، فهنالك الكثير من البرامج التي قد تحوي مشاهد وصوراً غير مناسبة ومواقف عاطفية حميمة قد تدفعها إلى البحث عنها لاحقاً.
ثم إن ابنتك الآن في فترة المراهقة، وهذه فترة تصحبها الكثير من التغيرات الجسدية والعاطفية، والفتاة في هذه السن تتقاذفها مشاعر لم تعهدها من قبل، وتحتاج إلى الثقافة الجنسية اللازمة التي تساعدها على فهم ما يجري في جسدها ومشاعرها، وتنبهها إلى كيفية التعامل مع الأمور المستجدة في حياتها، فعليك التقرب من ابنتك أكثر ومصادقتها، وبناء الثقة بينكما، والتحدث إليها بلغتها، وإشعارها بأنك تتفهمينها وتتفهمين المرحلة العمرية التي تمر بها؛ حتى تثق بك وتحدثك في أمورها، ولا تجد حرجاً من مصارحتك، فتستطيعين توجيهها ومساعدتها.
إشغال وقتها بالنشاطات النافعة والمحببة إليها؛ فإن علمت لديها هوايات معينة فشجعيها عليها وأشغليها بها، وشجعيها على ممارسة الرياضة والرياضات الجماعية، والقراءة والأعمال التطوعية، وكذلك حلقات تحفيظ القرآن الكريم، فكلما شغلت وقتها بالأمور النافعة كلما أبعدتها عن الفراغ الذي سيشجعها على مثل تلك الأمور، وكلما طورت من قدراتها وثقتها بنفسها.
أن نكون نحن الأهل القدوة لأبنائنا في الحرص على تقوى الله تعالى وطاعته كي يتمثلوا بنا، بالمداومة على العمل الصالح، وترك المنكرات، ومراقبة الله تعالى في سرنا وعلانيتنا، ومن المهم أن ندرك أن صلاحنا نحن كآباء ومربين هو الأساس في صلاح أبنائنا، وأذكرك هنا بقوله تعالى في سورة الكهف: {وأما الجدار فكان لعلامين يتمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك}.
وقد كان سعيد بن المسيب يكثر من الصلاة والعبادة من أجل أن يحفظ الله ابنه ويصلحه، وقد قال: “إني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي”، فينبغي أن لا نغفل عن دورنا نحن كأهل تقوانا لله تعالى في صلاح أبنائنا وحفظهم بحول الله وقوته، لذا أوصيك وأباها ونفسي وجميع الأهل بالإكثار منن الصدقات وأعمال الخير، وتحري الحلال، وتقوى الله في كل الأمور؛ حتى يحفظ الله تعالى أبناءناا بحفظه وكرمه، ويبعدهم عن مداخل السوء.
والله أدعو أن يصلح لك ابنتك وسائر أبناء المسلمين، ويقر عينك بها، ويجعلها سبباً لسعادتك في الدارين.
المصدر : موقع راف