ضحايا الإختلاط
أسماء بنت راشد الرويشد :
ذكرت في المقال الماضي: “الانحراف بضغطة زر”، أن الانترنت هو أحد أهم أسباب الانحراف العاطفي للشباب والفتيات، وبالتأكيد فإن هناك أسباباً كثيرة أخرى ساهمت وبشكل كبير في توسيع دائرة العلاقات العاطفية المحرمة، ومنها توفير بيئة الاختلاط بين الرجال والنساء سواء في المجال الأسري أو التعليمي أو العملي أو العام، ومن المؤسف أن نجد هناك من يصر على المطالبة بفتح باب الاختلاط بين الجنسين، في الوقت الذي بدأت الحكومة الفيدرالية في ولاية كاليفورنيا بأمريكا تطبيق نظام الفصل بين الجنسين في خمس مدارس تابعة لها، بهدف تقديم بديل للأهل القلقين من جراء تدني مستوى التعليم، وانتشار الإباحية بين الطلبة.
كما وضح د. بدر الدين أستاذ علم الاجتماع بجامعة لويزفيل بولاية كنتاكي الأمريكية – أسباب اتجاه النظام التعليم الأمريكي للفصل بين الطلبة والطالبات في المدارس فيقول: “برغم أن الاتجاه السائد في أمريكا هو التحرر، إلا أنه في السنوات الأخيرة بدأت تظهر مجموعات تنادي بالمحافظة على التقاليد والقيم الأصيلة، وهذا يعتبراً انعكاساً للموجة العنيفة للتحرر”.
في حين أصبحت أكثر دول الخليج ساحة لأحداث معارك الاختلاط، وهي معركة ممتدة بدأت منذ أكثر من ربع قرن، واستُخدمت فيها كل الأسلحة المحرمة بما فيها الطعن في الإسلام وأقوال العلماء، والاستقواء بالأجنبي، ناهيك عن قاموس الألفاظ العجيب الذي سكه أنصار الاختلاط في جولات هذه المعركة.
زارت الصحفية الأمريكية: “هيليان ستانسري” القاهرة وأمضت فيها عدة أسابيع، وأعجبت بإقبال النساء على الإسلام، واستغربت موقف اللادينيين من ذلك، فكتبت مقالاً تخاطب فيه المجتمعات المسلمة جاء فيه: “إن القيود التي يفرضها مجتمعكم على الفتاة صالحة ونافعة، لهذا أنصح أن تتمسكوا بأخلاقكم وتقاليدكم.. امنعوا الاختلاط، وقيدوا الحرية، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا”.
وتقول: “لقد عانينا من الاختلاط كثيراً، ضحاياها يملئون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية، إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا جعلت منهم عصابات أحداث ومخدرات ورقيق”.
من أجل البحث عن حلول لمثل هذه الأمراض تلاحقت الأبحاث والدراسات، فقد قام “بريك، وولي” وهما باحثان تربويان يشار إليهما بالبنان بإجراء دراسة بتمويل من جامعتي “شيكاغو” وميشغن” على 2500 طالبة، تم اختيارهن بشكل عشوائي، لتدريسهن في فصول مماثلة ومعزولة عن الطلبة، وأثبتت نتائج الدراسة أن الطالبات يحصلن على نتائج أفضل في الجو المنفصل عن الذكور، وأنهن داومن على التحصيل العلمي المتميز حتى في المرحلة الجامعية، وكن أكثر نضجاً وأقدر على التعامل مع الجو الأكاديمي “المختلط” في سنوات الجامعة، كما استطعن بسهولة الحصول على وظائف أفضل، ودخل أعلى بعد إنهاء الدراسة الجامعية.
لماذا إذن يصر دعاة الاختلاط على أن نأخذ من الغرب أسوأ ما فيه، ويستميتون في الدفاع عن سلوكيات مجّها الغرب نفسه بعد أن دفع ثمنها غالياً.
لنرى كيف عالج الأمريكيون مسألة الاختلاط الذي يفرض بقوة القانون هناك، وينبغي أن لا نتحسر إذ اكتشفنا أن القوم يعودون عن أخطائهم بنفس السرعة التي نندفع نحن صوبها، ولكن المهم أن نستوعب التجربة، ولا نقع في نفس الهاوية.
المصدر: بوابة آسية الإلكترونية.