الإعلام والعفاف الاجتماعي
د.هيا ثامر
موضوع العفاف الاجتماعي من الموضوعات الهامة على المستوى الديني والاجتماعي والأخلاقي القيمي إن لم يكن على المستوى الإنساني الحياتي بشكل عام لما له من أثر بالغ في تسيير وتيسير حياة الأمم، انطلاقاً من قول الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت == فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وفي العصر الحاضر طفت على السطح الكثير من الثقافات الوافدة والكثير من القيم والسلوكيات التي ساهمت بطريقة أو أخرى في تنحية مفهوم العفاف في الثقافة الإسلامية وفي تقاليد المجتمعات العربية والإسلامية.
وهذه الورقة الماثلة بين أيدينا تناقش موضوع الإعلام والعفاف الاجتماعي، وذلك لما لهذين المفهومين أو الموضوعين إن صح التعبير من ارتباط وثيق ودور تأثيري واضح في حياة الشعوب والأمم والمجتمعات الإنسانية بشكل عام فمن منا يستطيع أن ينكر الدور الكبير للإعلام أو الأدوار المختلفة التي يؤديها الإعلام في حياتنا سلباً وإيجاباً.
ماذا نقصد بالعفاف ؟
يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز: { وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله } (1)
أي ليلتزم العفة من كان لا يجد ما ينكح به النساء حتى يغنيه الله من فضله أي ييسر لهم النكاح (2)
فالله يأمر العاجز عن النكاح بأن يكف عن المحرم ويفعل الأسباب التي تكفه عنه من صرف دواعي قلبه بالأفكار التي تحظر بإيقاعه فيه ويفعل أيضاً كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم.
( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) .
فالعفة هي طلب العفاف والكف عما حرم الله والاكتفاء بما أحله وإن كان قليلاً”. (3)
والعفة خلق إيماني رفيع وهي صبر وجهاد للنفس واحتساب ، وهي قوة تحمل ودعوة إلى الحياء وكسر لشهوات النفس الأمارة بالسوء والابتعاد عما يخدش الياء.
وللعفة أشكال متعددة منها العفة في النظر والعفة في الكلام والعفة في الشهوة والعفة في طلب المال وإنفاقه ” وجاء في معاجم اللغة : عفف : رجل عف وعفيف وفيه عفة وعفاف وعف عن الحرام وأستعفف وتعفف.
والعفة أمر مطلوب من الرجل والمرأة على حد سوءا وبنفس القدر.
” قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن”.
كما لا يوجد فرق بين العفاف للأشخاص العزاب والمتزوجين رغم أن الخطاب وجه إلى العزاب في قوله ” وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً”.
ذلك أن الإسلام الحنيف يحارب البغاء والزنا ويطهر المجتمع المسلم من الآفات البشعة، ليحافظ على عفة الرجال والنساء ونقاء الأنساب ونسبة الأبناء إلى آبائهم وهو بذلك يحترم المرأة ويصون كرامتها ويرتفع بها عن مستوى ما وضعتها فيه الحضارة الغربية إذ جعلتها متعة جسدية تباع وتشترى (4).
وقال تعالى{ والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم } (5)
أي الثياب التي تكون على ظاهر البدن كالجلباب ونحوه وإنما جاز لهن ذلك لانصراف الأنفس عنهم إذا لا رغبة للرجال فيهن فأباح الله لهن ما لم يبحه لغيرهن، ثم استثنى حالة من حالاتهن فقال ” غير متبرجات بزينة” أي غير مظهرات للزينة التي أمرن بإخفائها في قوله ” ولا يبدين زينتهن) (6) وعليه فالاستعفاف : طلب العفة بفعل الأسباب المقتضية لذلك من تزوج وترك لما يخشى منه الفتنة.
إذن العفاف قيمة إيمانية تنبع من وجدان المؤمن كلما أزداد قرباً من ربه تزيد وكلما تباعد تناقصت وانزوت هذا هو مفهوم العفاف كما فهمته.
غير أن هذا المفهوم في حاضرنا المعاصر بدأ يشوبه شيء من الهجران والنسيان واللامبالاة لدى الجنسين على حد سواء في المجتمعات الإسلامية ، خلافاً لما دعت إليه الشريعة السمحاء ولما دعا إليه القرآن الكريم ونهج النبي صلى الله عليه وسلم .
هذا التراجع له أسبابه ودواعيه التي جرت إلى التهاون في أكثر الأحيان.
العوامل المؤثرة سلباً في قيم العفاف:
هناك الكثير والعديد من العوامل التي أدت إلى فقدان قيم العفاف في المجتمعات الإسلامية منها:
1- البعد عن الدين وضعف الوازع الديني.
2- الانفتاح الإعلامي اللا منضبط.
3- تقليد الغرب.
4- انتشار وسائل اللهو والإغراء وسهولة الحصول عليها.
5- الثورة التكنولوجية الحديثة وما جرته من ضياع وتراجع لمفهوم قيم العفاف في المجتمعات المختلفة.
وإذا أردنا أن نعيد ترتيب أولويات هذه العوامل من حيث الأهمية والخطورة نبدأها بالإعلام وما له من تأثير في جميع العوامل السابقة.
بل أن العوامل السابقة كلها ما هي إلا ثمرة من ثمرات الإعلام وأثر من آثاره بحلوها ومرها، فهو الذي ساهم في التقريب ما بين الشرق والغرب وسهل الأخذ المباشر منه، دونما فحص أو تمحيص وإنما هو انسياق ، فاستوردنا أسوأ ما عنده وحسبناه جهلاً حضارة وتقدما.
الإعــلام :
وهو موضوع هذه الورقة ، حيث نتناول الإعلام والدور التأثيري السلبي على قيم المجتمعات الدينية وأخلاقياتها الاجتماعية، وهذا لا يعني أن نلغي الدور الإيجابي للإعلام بوجه عام لكننا نلقى الضوء هنا على الدور السلبي وقد تميزت ثورة المعلومات في العصر الحديث بظهور قنوات اتصال تجاوزت حدود المعروف والمألوف، فظهر البث الفضائي الإنترنت- الاتصالات الفضائية العابرة للقارات والمحيطات والمخترقة للجدران والبنيان.
هذه المستجدات حولت العالم إلى ما يشبه القرية الصغيرة ” وجعلته أمام صناعة جديدة هي ” صناعة الإعلام” ” المرسل” وأصبح الإنسان ” المتلقي والمستقبل” لكل ما تبثه هذه الآلة من موضوعات ومواد وأفكار وأخبار.
ويعتمد الإعلام في هذا على وسائل متعددة ومختلفة من – دور للسينما وصحف ومجلات- إذاعة – تلفزيون – إنترنت-أقراص مدمجة، وغيرها من الوسائل السمعية والبصرية.
كل هذه الآلات والأدوات الإعلامية ، ساهمت في تكريس الترويج للفن والفنانين- الأدب الخليع- أفلام الفيديو التي تروج للجنس والمجون، الأغاني الهابطة ، المسلسلات غير الهادفة (اللهم إلا الربح المادي) دون مراعاة للمضمون والقيم، ولكثرة المعروض والمرسل عز الانتقاء وغابت عين الرقيب فاختلط الغث بالثمين والطيب بالخبيث، في تراجع واضح لمنظومة القيم الإسلامية من عفاف وحياء والتزام بالاحتشام.
فالإعلام بكل أدواته يتحمل ما جره من آفات أخلاقية على المجتمعات المسلمة والأسرة المسلمة (رجل وامرأة وأطفال وشباب) فلو التفتنا إلى:
المجلات والصحف نجد أن مادتها المفضلة في غالب الأحيان المرأة وقضاياها وكل ما يتعلق بها من قريب أو بعيد ، إن في الصحافة أو السينما أو التلفزيون ، أما لماذا المرأة ، لأن:
الأم مدرسة إذا أعددتـها == أعددتا شعباً طيباً الأعراق.
نجدها تتبارى في عرض صور فتيات ونساء في أكثر الأحيان شبه عاريات على الصفحات الأولى والهدف معروف ” لفت أنظار الشباب والرجال وفي صورة صارخة للتبرج والأوضاع المستهجنة إن في الملبس أو الحركة إضافة إلى ما تشتمل عليه هذه الصحافة المكتوبة من نشر للأخبار الفارغة التي لا تحمل مغزى أو هدفاً ونشر الإشاعات والفضائح ، أما ما يقدم من مواد تتعلق بالصحة ومشاكل المجتمع فلا يزيد عن كونه مادة إعلانية ، خالية من المضمون يضاف إلى ذلك إلى أن معظم ما تعرضه هذه الوسائل يركز على مفاهيم خاطئة لمعنى الحرية، وحرية المرأة بشكل خاص، والحرية في مفاهيم الإعلام الحديث ما هي إلا الخروج عن المألوف من عادات وتقاليد وأعراف دينية بدعوى التمدن وإتباع مستلزمات الحضارة الجديدة.
وما المرأة فيه إلا أداة تستغل لتحقيق أهداف لا تخفى على اللبيب.
الأفلام والمسلسلات :
وما تروج له من مواد فاسدة للشباب وما تبثه من مبادئ هدامة ومفاهيم خاطئة تدعو إلى الإباحية.
يضاف إلى ذلك معالجة الكثير من القضايا والثوابت الدينية من وجهة نظر غربية بعيدة كل البعد عن روح الدين الإسلامي كقضية التعدد مثلاً على اعتبار أنه أمر مرفوض وغير مرغوب بل أنه يوضع في المعالجات الدرامية مع الزنا والخيانة في كفة واحدة، تكرار حوادث الزنا والخيانات الزوجية وهروب الفتيات من أسرهن وراء أحلام واهمة مشتقة من هذه المسلسلات والأفلام لاستغلال المرأة وتجريدها من عفتها عبر الإعلانات سواء في الصحافة أو وسائل الإعلام الأخرى من سينما وتلفزيون، الترويج للتمثيل كقيمة إبداعية، وتقديم مسابقات الجمال للمرأة ، إضافة إلى عروض الأزياء في تقليد صارخ للغرب ، تقديم الأغاني الهابطة والفيديو كليب الساقطة
– محاولة تطبيع مفهوم ” الصداقة بين الرجل والمرأة ” من خلال بعض الأعمال السينمائية والدراما التلفزيونية خاصة المسلسلات المستوردة.
– تطبيع مسألة الإنجاب خارج إطار المؤسسة الزوجية واعتبار أطفال الزنا إنما هم نتيجة أو ثمرة علاقة سامية وهي ” الحب” وعدم تجريم مرتكبي هذا السلوك.
– الترويج وأن كان بصورة ضيقة للعلاقات الشاذة والمثلية بين الجنس الواحد ” رجل ورجل وامرأة وامرأة” على اعتبار أن مثل هذه الأمور تدخل ضمن إطار الحرية الشخصية”.
أما مضار ذلك فهي أكثر من أن تعد وتحصى وإليك بعض الأمثلة :
1-شيوع الطلاق وازدياد معدلاته في كثير من دول الشرق الإسلامي وخاصة في المراحل العمرية الأولى (من سن 25 – 30).
2-تكرار حوادث الاغتصاب والاعتداء على النساء، وتكرار ظاهرة ” التحرش الجنسي بالمرأة” في مراكز العمل والمؤسسات المختلفة.
كما أكد استبيان أجرته مجلة ” ولدي” أن 98 % من الأبناء يتابعون ” الفيديو كليب” بشغف، وأن 39 % من الأبناء تعجبهم كلمات الأغنية، 31 % يعجبهم إخراج الأغنية وعلاقة الرجل بالمرأة فيها، و 25% يتابعها لما تحتويه من إثارة وتشويق.
ذكرت مجلة بيان العدد ( 189 ) أن الفضاء العربي ازدحم في وقت قصير نسبياً بنحو 14 قناة فضائية ، كما تزايدت نسبة مشاهدة الجماهير لهذه الفضائيات.
وعلى ذلك نحن لا نضع كل هذه القنوات في سلة واحدة وإنما هناك تفاوت كبير بين ما تبثه هذه القنوات من برامج هادفة وذات رسالة ترعى قيم المجتمعات وأخلاقيات وبين تلك التي لا تراعى ذلك وتهدف إلى الربح السريع، وبين أخرى مشبوهة الغرض والأهداف، زرعت في فضاءاتنا تحت شعار التنوير والتطوير، وما هي إلا أدوات شيطانية في أيدي العابثين والمغرضين.
3-المقابلات المتلفزة للفنانات وانتصارهن الدائم في معاركهن مع الأهل إنما هي معركة مع قيم العفاف تقدم كرمز للشباب وكمثال على المحاربة للوصول إلى الأهداف، يقدمون كنماذج مثالية للنشء للاقتداء بهن في رحلة الحياة.
وهناك تأثير سلبي ليس على الشباب من الجنسين فحسب فهو يشمل الأطفال أيضاً يتجلى لنا واضحاً في الرسوم المتحركة المستوردة من الغرب دونما غربلة أو إعادة صياغة وتهذيب لما تحمله من قيم ومفاهيم تتناقض تماماً من قيم الشرق وتقاليد الدين.
إضافة إلى لما لها من تأثير سلبي على ” عقلية الطفل” من النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية جراء ملاحقة الصور والضوضاء، وعدم تنمية الحصيلة اللغوية أو المعرفية لدى الطفل.
4-ترى د. ليلى عبد المجيد أستاذ الصحافة بجامعة القاهرة ” أن وسائل الإعلام تصور القاعدة العامة من النساء على أنهن يمارسن التجسس والدعارة وتجارة المخدرات” كما تستعمل المرأة أيضاً كرمز للجنس.
أكثر هذه الفضائيات ساهمت بما تقدمه من برامج وأفلام ومسلسلات نزعت صمام القيم الدينية والأخلاقية في هدم الكثير من الأسر والبيوت وأشعلت فتيل حرب مستعرة بين الأزواج والزوجات كانت نهايتها في أحيان كثيرة انهيار بيوت عامرة واختلال منظومة الضمان في المجتمع.
الكمبيوتر والإنترنت:
أن أخطر سلبيات التأثر بإدمان الكمبيوتر والإنترنت وما يقدمانه من آفات تمس العقيدة وتثبت من سمومها ما يتعارض وروح الدين الإسلامي الحنيف وما يؤمن به المسلمون من قيم ومبادئ أخلاقية وسلوكية.
إضافة إلى ما تطرحه من برامج تخاطب عواطف المراهقين وغرائزهم بمغامرات واقعية أو خيالية تجذب الشباب إلى مهاوي الانحراف والفساد.
وقد دلت الإحصائيات أن مرتادي مقاهي الإنترنت هم من الشباب، وأن 80 % منهم تقل أعمارهم عن 30 سنة، وأن 90% منهم هم في سن خطرة وحرجة(7).
وليس معنى ذلك إنكار وجود مواقع وبوابات استطاعت أن تؤدي دوراً ثقافياً وتنموياً هاماً أو دوراً إخبارياً يخدم قضايا وتطلعات المجتمع، لكن ذلك لا يشكل إلا نسبة قليلة للأسف أمام الكم الكبير والمتزايد من المواقع التي لا تقدم سوى الدردشة الفارغة والحوادث غير الجادة ، أضف إلى ذلك ما قد يتعرض له الشباب من مواقع إباحية مضللة من الداخل أو الخارج (8)
وما من شك أن إسراف المجتمعات والأفراد في الانغماس في الشهوات ورغبات النفس، تفقد هذه المجتمعات طاقاتها وقواها الحيوية وبالتالي تصبح مستسلمة لتداعيات قوى الانحراف والسقوط الحضاري.
أن استلاب قيم الأخلاق والعفاف هي أول خطوة نحنو التردي في هاوية الضياع والانصياع.
من الأسباب التي ساهمت في تراجع قيم عفاف المجتمعات :
1. تبدل مفهوم الإشراف الأسري على الأبناء، إذ وفرت مخرجات الثورة التكنولوجية أنماطاً من وسائل الترفيه واللهو، التي جعلت الأبناء ينسحبون من التواصل مع الآباء إلى التواصل مع أدوات التكنولوجيا من فيديو جيم وإنترنت أو تلفزيون وما يبثه من مواد إعلامية تستهوي الشباب، فالوقت الذي يقضيه الشباب أمام هذه الأدوات أكبر من الوقت الذي يمضونه مع والديهم أو حتى في المدرسة.
وقد دلت الإحصائيات على أن الطالب في المرحلة الابتدائية يقضي من 700 إلى 800 ساعة في المدرسة. بينما يقضي 1000 ساعة مع التلفزيون سنوياً.
2. تقاعس الدور الرسمي عن مواجهة القنوات الهدامة والتصدي لها من خلال سلطة القانون أو سلطات أخرى بيد الساسة وحدهم في الحد من هذه المزالق الشيطانية.
3. وعدم توفر رقابة مستمرة على المواقع الإباحية والمواقف الساخنة والتي كان من تأثيرها ازدياد نسبة الزنا، وكثرة اللقطاء، وشيوع إدمان المخدرات وما يترتب عليها من مشاكل لا حصر لها على الفرد فالأسرة فالمجتمع فالبيئة المحيطة.
ومن أسباب هذا التراجع الأخلاقي كنتيجة من نتائج وسائل الإعلام بوجهها السلبي.
4. استيراد مفاهيم غربية في نظام المالي والاقتصادي- والترويج للمال كقيمة عليا من قيم الحياة تتلاشى أمامها قيم كثيرة- فشيوع النظام الربوي والتكالب على جمع المال كهدف من أهداف الحياة وليس وسيلة تحقق أهدافاً والحرص على تحصيله وجمعه بالرشوة والاختلاس تحت شعار الغاية تبرر الوسيلة ،(وقد وضع الإسلام الحنيف للمال سياسة فذة حكيمة تجعله أداة تعمير إصلاح لا أداة هدم وتخريب وإفساد) (9)
كما ذم الإسلام استعمال المال في غير المقصود له أو إنفاقه في غير طريق الحلال.
فانتشرت في عالمنا اليوم المظهرية والتكالب على ملذات الحياة الدنيا، وسادت فكرة أن المال وحده مصدر القوة والسعادة مما ساهم بطريقة ما في ضياع قيم العفاف والفضيلة.
وسائل العلاج والخروج:
بعد أن سلطنا الضوء على الدور الخطير الذي تلعبه وسائل الإعلام في التشكيل الوجداني والنفسي والعقلي وانعكاس ذلك على سلوك المتلقي.
فالواجب والحال كما هي حسن:
1- توظيف هذه الوسائل مجتمعه ومتفرقة لخدمة الأهداف العليا وللمحافظة على قيم المجتمع وعفاف أبنائه من خلال إبراز هذه القيم وإشاعاتها بين النشء خاصة.
2- دعوة الساسة والمؤسسات التعليمية والاجتماعية إلى ضرورة انتقاء المادة الموجهة للمشاهد والمتلقي.
3- إحياء الرقابة ولا أعني المراقبة الدائمة لما تطرحه وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها وتوجهاتها وإنما أقصد تنمية وتربية الرقابة الذاتية من خلال التربية وغرس مقومات الرقابة والحس الرقابي لدى الطفل بداية من خلال تعويده وتدريبه على التحلي بقيم الدين وأخلاقياته في السر والعلن وهذا لن يتأتى إلا من خلال أسرة تعي مخاطر ما يحمله المستقبل وتحاول جاهدة أن تربي وتعلم وتزرع المبادئ والمثل العليا منذ الصغر، لتحيط هذا الطفل بسياج لا يمكن أن تحطمه الآفات الواردة والمستوردة تبنى في النفس والقلب والوجدان فإن صح البذر طاب الزرع واستوى وتشكل لدى النشء، رقابة واعية أساسها خوف الله والتسامي عن سفاسف الأمور والابتعاد عن شهوة النفس، وهو العامل الذي يقيمون به منابر الصلاح والعفاف.
4- التركيز على القنوات الهادفة التثقيفية التنويرية.
5- تخصيص الآباء والأمهات أوقاتاً ملزمة تجتمع فيها الأسرة للمناقشة مع الأبناء حول بعض الأفكار والمعتقدات السائدة في المجتمع وخاصة التي توجه للشباب مع التركيز بشكل غير مباشر على القيم الأخلاقية ومراقبة سلوك الأبناء عن بعض حتى إذا استرعى انتباههم ما يقلق يتم التدخل في الوقت المناسب.
6- الاهتمام بمادة التربية عامة والتربية الدينية خاصة في الماضي كانت المدارس الحكومية تدرس في مراحل التعليم العام هذه المقررات ولما ازدادت المدارس الغربية والمدارس الخاصة حذفت مواد التربية الدينية فبالتالي لم يعد الطفل يعرف أو يتعلم منذ البداية فضائل الصدق والصبر والحياء والعفة وهو يقرأ كتب القراءة والتاريخ وفي الوقت الراهن مع تغير القيم والتطور الذي لحق بمناهج التدريس والتحول إلى العولمة تحولت هذه القيم إلى مجرد شعارات واستبدلت بها في الكتب الدراسية قيم الديمقراطية والحرية والمساواة وما إلى ذلك من قيم مستوردة من الفكر الغربي.
ومن هنا تأتي أهمية:
7- أعادة النظر في المناهج التربوية والتعليمية.
8-لفت نظر القائمين على وسائل الإعلام ضرورة الانتقاء للبرامج والمواد المطروحة عبر هذه الوسائل المختلفة وبخاصة تلك البرامج الموجهة للأطفال والناشئة إضافة إلى ترك مساحة من خلال البرامج المنوعة لإشعاعه قيم الفضيلة وترسيخ مفاهيم الإيمان وفضائل الأخلاق.
9- الدعوة إلى تظاهر الجهود بين المؤسسات الرسمية والأهلية والجمعيات الخيرية في تيسير وتسهيل الزواج للشباب في خطوة عملية لتحقيق مفهوم العفاف وغلق باب إشباع الرغبات الجنسية بالطرق الغير شرعية إضافة إلى المساعدة في تلبية حاجات الشباب الغريزية.
أو تخصيص مبالغ سنوية من قبل هذه المؤسسات لتقديمها كقروض حسنة للمقبلين على الزواج.
10- التركيز على الأطفال وتنشئة الجيل على الإسلام منهجاً وعقيدة وعملاً وقدوة في البيت والشارع وهو وسيلة الأمة لتخرج من مستنقع التقليد الأعمى، وهو سبيلها لتخرج جيلاً قوياً في أخلاقه نبيل في قيمه ومبادئه وهذا أمل يحتاج إلى يقظة فكرية وإرادة حرة سائلين المولى عز وجل أن يقيض لهذه الأمة من أبناءها من يأخذ بيدها قدماً لترتقي مدارج الرقي والرفعة والتمسك بأهداب الدين والعفاف.
—————
[1] – سورة النور – الآية : 33
[2] – التربية الإسلامية في سورة النور- علي عبد الحليم محمود – ص 183 – دار التوزيع والنشر الإسلامية – القاهرة.
[3] – تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان- الإمام عبد الرحمن بن ناصر السعدي – دار الحديث- القاهرة – ط- 2003 – ص 616 – 617.
[4] – التربية الإسلامية في سورة النور ، مرجع سابق ، ص 195
[5] – سورة النور – الآية ( )
[6] – فتح القدير – محمد بن علي بن محمد الشوكاني – المكتبة العصرية – صيدا – بيروت – مراجعة الشيخ هاشم البخاري – الشيخ خضر عكاوي 4/65
[7] – شبابنا والإنترنت- إشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – قطر – الطبعة الأولى – 2008 – ص 22 – 26.
– دراسة منشورة بموقع الإتحاد النسائي الإسلامي العالمي
[8] – موقع Alfka – موضوع العلاقة بين الإعلام والتربية في الوطن العربي.
[9] – درر الوحي في التسامي بالغرائز الإنسانية – د. حصة أحمد الغزال – رسالة ماجستير في 477
المصدر : موقع إسلاميات