الآثار المرضية لانحراف الغريزة الجنسية

قال رسول الله ﷺ: «لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا»([1]).

هذه هي العقوبة الربانية لأولئك المترفين، صدقت يا رسول الله، وما الذي نراه ونسمعه في أيَّامِنا هذه إلا دليل صدق ونبوءة، ونتأمل في هذا الحديث فنجد أن هذه العقوبة قد تحولت من العقوبة الفردية للمقترف والعاصي إلى العقوبة الجماعية للمجتمع، لماذا؟ لأنه رضي بها وبالإعلان عنها (حتى يعلنوا بها) وهذه إشارة البدء للهلاك والدمار حين يتقبل المجتمع الممارسات اللاأخلاقية ويرضى بها ويعلن عنها، كل ذلك بحجة الترفيه والسياحة والتخفيف على الناس من أعباء الأعمال الرسمية ومسايرة المجتمعات المتحضرة.

وهذه بعض الحقائق من تلك المجتمعات المتحضرة:

1 ــ (إن الأمراض الجنسية من أكثر الأمراض المعدية انتشارًا في العالم، وتشكل تهديدًا خطيرًا على الصحة العامة في العالم اليوم وللأسف لم ندرك بعد أبعاد هذه المشكلة).  ــ قرار منظمة الصحة العالمية سنة 1975م.

كما يقدر عدد المصابين بمرض السيلان سنويًا بـ250 مليون شخص وعدد المصابين بالزهري بـ 50 مليون شخص سنويًا (تقديرات عام 1977م) ([2]).

2 ــ بلغ عدد الأميركيين المصابين بمرض هربس التناسل عشرين مليونًا في عام 1983 م كما يتم تشخيص نصف مليون حالة جديدة سنويًا.

3 ــ  كانت الأمراض الجنسية مقتصرة على ( السيلان  ــ  الزهري  ــ  القرحة الرخوة  ــ  الالتهاب البلغي التناسلي ــ  الورم المغبني الحبيبي) ثم ظهرت الأمراض الجديدة.. (التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا )..!! كمرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز) ومرض التهاب الكبد الفيروسي عن طريق الشذوذ الجنسي، والأمراض التي كانت معروفة وانتشرت بقوة مرض الهربس التناسلي ــ  التهاب مجرى البول غير السيلان  ــ  التهاب الحوض لدى النساء  ــ  ثآليل التناسل  ــ  مرض الكانديدا).

ومن أخطار هذه الأمراض:

1  ــ  أن بعضها يودي بحياة الإنسان خلال فترة قصيرة كمرض الإيدز الذي لا يمهل المصاب أكثر من سنتين، ويقول الدكتور هوفلند: (لا أعلم بين جميع العلل المقصرة للحياة ما هي أكثر وبالاً وأجمع لجر المرء إلى حتفه كالإفراط في الفسق، فمن السهل علينا أن نعدها أقرب الوسائل إلى تقريب الأجل) ([3])، وبلغ عدد الوفيات بسبب الإيدز في ألمانيا 905 حالة من عدد المصابين المسجلين وعددهم 1200 مصاب، وأعلنت وزارة الصحة الألمانية أن 75% من مرضى الإيدز من الرجال الشواذ جنسيًا و10% من النساء الشاذات) ([4]).

2  ــ  الإحصاءات الحديثة عن مرض الإيدز تفيد أنه أكثر الأوبئة تفشيًا وإهلاكًا للبشر كما صرح رئيس المعهـد الدولي للإيدز وصحة للأسرة «بيتر لامبني» ومن أبرز تلك الإحصاءات :

1 ــ   40 مليون مصاب بالإيدز على مستوى العالم.

2 ــ   25 مليون حالة وفاة خلال العشرين سنة الماضية.

3 ــ   14 ألف مصاب جديد يوميًا في العالم.

4 ــ  13 مليـون طفـل تحت سن الخامسـة عشـرة فقـدوا والديهم أو أحدهما بسـبب الإيدز([5]).

أما في المنطقة العربية التي كانت آمنة من هذا الوباء الخطير فقد بدأت تتجرع آلام هذا السم الزعاف، نتيجة هبوب رياح الإباحية والفساد الأخلاقي عليها، فقد كشف تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن هناك حالة إصابة بالإيدز كل عشر دقائق في المنطقة العربية، ويقدر عدد المصابين بالفيروس 720 ألف، ويبلغ عدد الإصابات الجديدة عام 2006م 210 ألف حالة([6]).

وتعلق الأستاذة كامليا حلمي (رئيسة اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفولة) أن أجندة الإيدز متعارضة مع الشريعة الإسلامية؛ لأنها قائمة على تغيير القيم والثقافة التي تحرم الإباحة والشذوذ بهدف تشجيع مريض الإيدز على الإفصاح عن المرض، وهي تشير بذلك إلى المفارقات، حيث تساهم مؤتمرات الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة في نشر تلك الثقافة المدمرة، كما سنشير في ثنايا هذا الكتاب.

3 ــ  أن بعض هذه الأمراض الجنسية يسبب الإصابة بالعقم كالسيلان، يقول جيمس باجيه: « على الشباب أن يملك هواه الطبيعي أكثر من سائر الأهواء فإنه أصعبها قيادًا وأسرعها تقصيرًا للأجل وأشدها توهينًًا للقوى، وتقريبًا من العناء، وإبعادًا من الشفاء»([7]).

4  ــ  إصابة العظام بالتآكل والكبد والرئتين بالالتهابات المزمنة ومرض (الشلل الجنوني العام) الذي يصيب الدماغ بالضرر والتلف كنتاج لمرض الزهري.

5  ــ  إصابة الأجنة والأطفال حديثي الولادة ، حيث يخرج الجنين إلى الحياة حاملاً لخطيئة أحد والديه أو كلاهما) ([8]).

 

 

([1]) أخرجه ابن ماجة (4019)، عن عبد الله بن عمر ــ رضي الله عنهما ، وحسنه الألباني.

([2]) الأمراض الجنسية، د. محمد علي البار.

([3]) التدابير الواقية من الزنى. د. فضل إلهي .

([4]) جريدة القبس 24/6/1988م.

([5]) مجلة الشقائق، العدد 62، نوفمبر 2002م.

([6]) مجلة المجتمع، العدد 1727 نوفمبر 2006م.

([7]) التدابير الواقية من الزنى،  فضل إلهي .

([8]) الأمراض الجنسية، د. محمد علي البار.