قصة شبيه يوسف

كان فتىً من أهل المدينة يشهد الصلوات كلها مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان عمر يتفقدُهُ إذا غاب، فعشقته امرأة من أهل المدينة، فذكرت ذلك لبعض نسائها، فقالت: أنا أحتال لك في إدخاله عليك»، فقعدت له في الطريق، فلما مر بها قالت له: «إني امرأة كبيرة السن ولي شاة لا أستطيع أن أحلبها فلو دخلت فحلبتها لي»، وكانوا أحرص ما يكون على الخير، فدخل فلم ير شاة، فقالت اجلس حتى آتيك بها، فإذا المرأة قد طلعت عليه، فلما رأى ذلك عمد إلى محراب في البيت فقعد فيه، فأرادته عن نفسه فأبى وقال: «اتق الله أيتها المرأة»، فجعلت لاتكف عنه ، ولا تلتفت إلى قوله.
فلما أبى عليها صاحت عليه، فجاؤوا فقالت: «إن هذا الرجل دخل عليّ يريدني عن نفسي»، فوثبوا عليه وجعلوا يضربونه، وأوثقوه، فلما كان الغداة وصلّى عمر بالناس فقده، فبينما هو كذلك إذ جاؤوا به في وثاق، فلما رآه عمر قال: «اللهم لا تخلف ظني فيه»، قال: ما لكم؟ قالوا: «استغاثت امرأة في الليل فجئنا فوجدنا هذا الغلام عندها فضربناه وأوثقناه».
فقال عمر : «اصدقني..»، فأخبره بالقصة، فقال له عمر: «أتعرف العجوز؟»، فقال: «نعم إن رأيتها عرفتها»، فأرسل عمر إلى نساء جيرانها وعجائزهن فجاء بهن، فعرضهن فلم يعرفها فيهن، حتى مرت العجوز فقال: «هذه يا أمير المؤمنين»، فرفع عليها الدِّرَّة وقال: «اصدقيني»، فقصّت عليه القصة كما قصَّها الفتى، فقال عمر: «الحمد لله الذي جعل فينا شبيه يوسف».