القواعـد العلاجيـة للانحرافات الجنسية | محاسبة النفس

منطلق صلاح النفس واستقامتها هو دوام محاسبتها ومساءلتها، وقد مرّ علينا في ثنايا هذا الكتاب ما ورد بشأن النفس اللوامة التي تلوم صاحبها على أفعاله وأقواله ونيته.

ومن حاسب نفسه في الدنيا خفّ عليه الحساب في الآخرة، حيث الحساب الشديد والميزان دقيق، قال جل وعلا: ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ ([1]) .

والإنسان مُحَاسَب على أفعاله وأقواله وجوارحه، قال جل وعلا: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ﴾([2])، وكم كانت تلك الآيات الكريمات تقرع قلوب السلف الصالح، يظل أحدهم يرددها الليل كله يتدبرها ويعمل بها، كقوله تعالى: ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴾([3]).

فالمؤمن حين يتدبر تلك الآيات، ويتفكر في موقف الحساب بين يدي الله تعالى، سيدفعه ذلك لمحاسبة نفسه والنظر في أحوالها وأعمالها كيف عملت؟

هل استقامت على أمر الله أم انحرفت؟

قال عمر بن الخطاب ﭬ : «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا ، وتزينوا قبل العرض الأكبر على الله تعالى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾([4]) ، وإنما خف الحساب في الآخرة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وثقلت موازين قوم في الآخرة وزنوا أنفسهم في الدنيا، وحُقَّ لميزانٍ لايوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلاً».

وعفاف النفس مرهون بمحاسبتها على النظرات والخطرات وعلى أفعال الجوارح من السمع والبصر والفؤاد:

ــ  هل غَض بصره عن المحرمات في الفضائيات والشبكات؟

ــ  هل غض بصره في الأسواق والمنتزهات؟

ــ  هل حفظ سمعه عن الأغاني والمثيرات؟

ــ  هل تجنب مواطن الفتن والزلات؟

ــ  هل تاقت نفسه لفعل المعاصي والخطيئات؟

فإذا ما تعاهد المرء نفسه بتلك المحاسبة والمراقبة والمتابعة فسيجدها تتخطى مواطن الزلات وتعود لحصن الوقاية والعفاف.

([1]) الأنبياء: 47 .

([2]) الإسراء: 36 .

([3]) الصافات: 24 .

([4]) الحاقة : 28 .