القواعد الوقائية لبناء العفة | تجنب المثيرات الجنسية
يبدأ الانحراف الجنسي بمثير يثير كوامن الشهوة في النفس، ولذلك فقد حرَّم الإسلام مقدمات الزنى، كما حرّم الزنى نفسه وقاعدته في ذلك: «كل ما أدى إلى الحرام فهو حرام» ([1]) ، وذلك ليعيش المسلم في مجتمع طاهر لا يثير شهوته بل يعينه على سلوك طريق الاستقامة والعفاف.
ولا يخفى على أحد أننا نعيش في مجتمعات مُلئت بالمثيرات، بل وتعددت أشكالها وتنوعت بشكل يجعل أعصاب الشباب دائمًا في حالة من السعار الشهواني الذي لا ينطفئ ولا يرتوي، ومن هذه المثيرات اختلاط الجنسين وما لازمه من عادات بدأت تطغى على الشباب كالنظرة البريئة والاختلاط الميسور وزمالة العمل؛ ولذلك كثر تحذير الرسول ﷺ من هذه الفتنة كقوله:
«لا يخلونّ أحدكم بامرأة ، فإن الشيطان ثالثهما »([2]) .
وقوله:«رأيتُ شابًا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما »([3]).
وقال ﷺ: «إياكم والدخول على النساء». قيل: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: «الحمو الـموت»([4]) .
ومن هنا جاء الأمر بتفريق الأولاد في المضاجع في الحديث: « مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرّقوا بينهم في المضاجع»([5]).
ومن هذه المثيرات النساء الكاسيات العاريات اللواتي يلبسن ثيابًا تكشف أكثر مما تستر، ومنها القصص الغرامية والمجلات الخليعة ومنها الأغاني الـماجنة والصحف والملاحق التي لا تكاد تخلو من صور عارية وأخبار مثيرة للشباب، ومنها برامج التلفزيون التي لا تكاد تمر ساعة من برامجه دون عرض لمشهد من مشاهد الإثارة الخليعة، كما أشرنا في الباب الثاني.
ومنها بعض العادات العائلية كاختلاط الشباب مع قريباتهم من الفتيات في المناسبات وأثناء التزاور، ومنها الطامة الكبرى وهي إرسال الشباب في إجازة الصيف إلى البلاد الغربية أو الشرقية بحجة السياحة أو تعلّم اللغة، وَوالله لا خير في علم يلوّث الشرف، ويميّع الخلق، ويُفسد النفس، ويدمّر المروءة والفضيلة. وكم من شاب ما عرف الفساد ولا سبيله إلا أثناء السفر فعاد إلى أهله فاسدًا ماجنًا عربيدًا، وقد كان طاهرًا عفيفًا شريفًا.
وخطورة هذه المثيرات تكمن في أنها تنتهي بالإنسان إلى سعار شهواني لاينطفئ ولا يرتوي، بل يدفع بالشباب إلى الفعل المادي لإطفاء هذا السعار، فإذا لم يتم ذلك تعبت الأعصاب المستثارة وكان ذلك بمثابة تعذيب مستمر لها.
«فالنظرة تثير، والحركة والضحكة تثير، والدعابة تثير، والطريق المأمون هو تقليل هذه المثيرات بحيث يبقى الميل الفطري في حدوده الطبيعية، ثم يلبّي تلبية طبيعية عن طريق الزواج المشروع» ([6]).
——————————————-
([1]) انظر: كتاب «الحلال والحرام في الإسلام»، د. يوسف القرضاوي.
([2]) أخرجه الترمذي (2165)، وأحمد (1/ 26)، عن عبدالله بن عمر ﭭ، قال الترمذي: «حسن صحيح غريب»، وصححه الألباني.
([3]) أخرجه الترمذي (885)، وأحمد (1/ 75 ــ 76)، عن علي بن أبي طالب ﭬ . قال الترمذي: «حسن صحيح»، وحسنه الألباني.
([4]) أخرجه البخاري (5232)، ومسلم (2172)، عن عقبة بن عامر ﭬ.
([5]) أخرجه أبو داود (495)، وأحمد (2/ 180) عن عبد الله بن عمروﭭ، وقال الألباني : «حسن صحيح».