ثـمرات وفوائد الاستعفـاف|العفة صون للأسرة
فهي الجزاء العادل لمن حفظ أعراض الناس أن يحفظ الله عرضه، أما من عبث بعرض غيره فإن جزاءه من جنس عمله حيث سيجد من يعبث بعرضه وشرفه، فقد رُوي عن رسول الله ﷺ أنه قال: «عِفوا تعف نساؤكم»([1]) ، كما جاء في قصة المثل القائل: «دقة بدقة، وإن زِدْتَ زاد السقا»([2]).
ومن جميل ما قيل قديمًا : « من كان يحرص على عرضه فليحرص على أعراض الناس، وكل ديْن لابد له من وفاء، ودين الأعراض وفاؤه بالأعراض، والمرء يُهْتَـكُ عِـرْضُـهُ حين يَهْـتِـك أعْرَاضَ النَّـاس»([3]).
وما تَهَـدُّمُ الكيان الأسري للمجتمعات الغربية إلا قرينةٌ لتفشّـي الخيانات الزوجية؛ لذا فالعفة هي الأمان وهي الصون الذي يحفظ كيان الأسرة.
وهذا قول جامع لثمرات الاستعفاف والتي هي باب من أبواب ترك المعاصي، يقول الشيخ عبدالفتاح أبو غدة في تعليقه على كتاب «رسالة المسترشدين» ص 156: «فسبحان الله رب العالمين لو لم يكن في ترك الذنوب والمعاصي إلا: إقامة المروءة، وصون العرض، وحفظ الجاه، وصيانة المال الذي جعله الله قوامًا لمصالح الدنيا والآخرة ومحبة الخلق، وجواز القول بينهم، وصلاح المعاش، وراحة البدن، وقوة القلب، وطيب النفس، ونعيم القلب، وانشراح الصدر، والأمن من مخاوف الفساق والفجّار، وقلة الهمّ والغمّ والحزن، وعزّ النفس عن احتمال الذل، وصون نور القلب أن تطفئه ظلمة المعصية، وحصول المخرج لمتقي الذنوب ما ضاق على الفساق الفجار، وتيسير الرزق عليه من حيث لا يحتسب، وتيسير العلم والثناء الحسن من الناس وكثرة الدعاء له، والحلاوة التي يكتسبها وجهه، والمهابة التي تلقي له في قلوب الناس وانتصارهم وحميتهم له إذا أوذي أو ظُلم، وذودهم عن عرضه إذا اغتابه مغتاب، وسرعة إجابة دعائه، وزوال الوحشة التي بينه وبين الله، وقرب الملائكة منه، وبعد شياطين الإنس والجن عنه، وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه وخطبتهم لمودته وصحبته، وعدم خوفه من الموت بل يفرح به لقدومه على ربه ولقائه له ومصيره إليه، وصغر الدنيا في قلبه وتعظيم الآخرة عنده، وحرصه على الملك الكبير والفوز العظيم فيها، وذوق حلاوة الطاعة، ووجود حلاوة الإيمان، ودعاء حملة العرش له ومن حوله من الملائكة، وفرح الكاتبين به ودعاؤهم له في كل وقت، والزيادة في عقله وفهمه وإيمانه ومعرفته، وحصول محبة الله له، وإقباله عليه، وفرحه بتوبته: لكفى باعثًا له على ترك الذنوب والمعاصي، وهكذا يجازيه الله بفرح وسرور لا نسبة له على فرحه وسروره بالمعصية بوجه من الوجوه».
——————————
([1]) أخرجه الحاكم في المستدرك (7258)، عن أبي هريرة ﭬ. وقال: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، وتعقبه الذهبي، فقال: «بل سويد ضعيف».