أسباب الانحراف الخُلقي ومعوقـات الاسـتعفاف|التبرج والسفور
وهي قرينة لظاهرة الاختلاط، بل إنها من العوامل المساعدة على ترويج الانحراف وزيادة حدوثه، والتبرج هو مخالفة لما أمر الله به المرأة من الصون والستر والحجاب، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾([1])، لكن دعاة التبرج نصَّبوا أنفسهم آلهة من دون الله، فأحلّوا التبرج وأحيوه في شريعتهم، ثم شرعوا لذلك وسائل وأحكامًا:
ــ اللباس الفاضح العاري الذي يكشف عورات المرأة ويجسدها، كما ذكر الحديث: «.. كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا »([2]).
ــ الشعور المستعارة والتسريحات والموديلات في وسائل الزينة والتبرج.
– العطور التي غالبًا ما تصاحب الإعلانات التجارية، فهي تبين مدى تأثير العطر في كسب واصطياد الرجل.
ومن الآثار اللا أخلاقية للتبرج والسفور ([3]):
- إن كشف العورة بذاته سبيل لهدم الأخلاق والوقوع في الفاحشة، ولا شك أن في التبرج تحريكًا لشهوات الرجال وباعثًا لإثارتهم، وكم من الجرائم اللاأخلاقية التي انتهكت فيها الحرمات كانت بعد تتبع وتصيد، ثم اختطاف لتلك الفتيات المتبرجات.
- إن المرأة التي خلعت ثياب الستر والعفة قد أعطت لنفسها صفة المرأة المستهترة بالقيم الأخلاقية، ولو أقنعت نفسها أنها لم تتبرج لذلك الغرض، وبالتالي فإن انتشار هذه الظاهرة يعطي انطباعًا عامًا من المجتمع بأنه مجتمع غير محافظ بما يُولد فيه الانحرافات العديدة.
- ضرر التبرج لا يقع على الفتاة فقط، بل إن كل رجل يراها ويطيل التأمل فيها تكون قد جرّته لانحراف مهما ظنَّ أنه صغير، وهذا يولّد ظاهرة المعاكسات وملاحقة النساء من قبل الشباب المستهتر، ومن هنا ندرك معاني الحديث الشريف: «أيـما امرأة خرجت من بيتها وهي متعطرة ليجد الناس ريحها فهي زانية» ([4]).
- جرت هذه الظاهرة إلى بروز ظاهرة تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، ولذا جاء حكم الله تعالى حازمًا لسد تلك الذرائع، فنهى عن التبرج وحذّر منه كأحد أمور الجاهلية﴿ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾([5]) . ونهى عن إبداء الزينة ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾([6])إلا للأزواج والمحارم.
ومن هنا ندرك أن الحجاب الذي أمر به الإسلام هو عنوان العفة للمرأة وطهارتها، ودليل على أنها من المؤمنات اللواتي امتلأت قلوبهن بالإيمان ونبذ منها كل مدخل للشيطان، يقول الله – تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾([7]).
ومعنى ﴿ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ﴾ : أي يُعرفن من لباسهنّ هذا وحجابهن والتزامهن جانب الحشمة والأخلاق أنهن حرائر عفيفات، لسن عاهرات مستهترات كمن خلعن عن أنفسهن ثياب الأخلاق، عندئذ لا يجرؤ أحد على إيذائهن إذا عرفهنّ من حجابهن.
وأخيرًا ــ فإن الحجاب هو حجاب معنوي وحسي في آنٍ واحدٍ، بمعنى أنه ليس غطاء للرأس فقط، كما يظن البعض، بل قبل أن ترتدي المرأة حجابها الحسي لابد أن ترتدي معه العفة والحشمة والحياء والطهر والخوف من الله، أما أن تغطي المرأة جزءًا من شعرها ثم تضع الزينة في وجهها وتتعطر بأحسن العطور وتضيق ثوبها وترفعه عن قدميها ثم تحادث الرجال وتخالطهم وتضاحكهم، فهذا هو التبرج بعينه، وليس ذلك هو الحجاب الذي أمر الله به.
——————————————————————-
([2]) أخرجه مسلم (2128)، وأحمد (2/ 355)، عن أبي هريرة ﭬ.
([3]) مجلة المجتمع الإسلامية الكويتية، عدد (864 ).
([4]) أخرجه النسائي (5126)، وأحمد (4/ 413)، عن أبي موسى الأشعري ﭬ، وحسنه الألباني.