أسباب الانحراف الخُلقي ومعوقـات الاسـتعفاف|الصحبة الفاسدة وأثرها في الانحرافات الاخلاقية
للصحبة تأثير كبير جدًا على سلوك الفرد، خصوصًا في سن الشباب حيث يمر الشاب بمرحلة تأجج العواطف وحب الانتماء؛ لذلك فإن الصداقات التي تكون في سن المراهقة تظهر بأقوى العلاقات وأكثرها اندماجًا وتمازجًا، وهذا ما يجعل القضية أكثر خطورة إذا كانت الصحبة فاسدة، كما قال المصطفى ﷺ: « المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل»([1])، ولعل في استعراضنا السابق لموضوع أفلام الفيديو بيانًا لهذه الحقيقة.
وتلاحظ التأثيرات السيئة للصحبة في الجوانب التالية:
- تعريف الشاب بأنماط من السلوك والممارسات لم يكن يعرفها في السابق، مما يجعله في تفكير مستمر حول ممارستها، وفي صراع نفسي بين رغبة الخير التي تربي عليها ورغبة الشر التي يراها في أقرانه.
- التشجيع على ممارسة الفساد لكثرة مشاهدته، وإلحاح أصحابه وتهوينهم الأمر في عينه.
- قد يجر ذلك إلى الممارسات اللا أخلاقية الجماعية، وأن يتحول الشاب من فاسد إلى مفسد.
وفي الدراسة السابقة عن «الأسرة وانحراف الأحداث» ظهرت النتائج التي أبرزت أثر الصحبة المفسدة على الأحداث على الوجه التالي :
- اتضح أن 26.8% من أسباب الانحراف لأحداث دار التربية ترجع إلى الرفقاء، كما وجد أن 57.6% من الأحداث المنحرفين ينتمون إلى «مجموعات» من الأحداث في مثل أعمارهم، بينما 30.3% ينتمون إلى فئات بأعمار مختلفة، ووجد أن 9.1% فقط لا ينتمون لمجموعات. أما منحرفو سجن الأحداث فأوضحوا أن تأثير رفقاء السوء عليهم بلغ 59.5% من جملة الأسباب، وأن 72.2% من مجموع الأحداث لهم رفقاء ارتكبوا انحرافات، مما يؤكد تأثر الحدث برفقاء السوء.
- عن كيفية وقوع الفعل المنحرف اتضح أن 70.2% من مجموع الأحداث في السجن فعلوا ذلك مع آخرين.
ومن هنا يتضح الأثر الخطير للصحبة السيئة في دفع الشاب أو الفتاة إلى الانحرافات السلوكية، وصدق الرسول ﷺ حين قال: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإمَّا أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثةً » ([2]) .
وقال عدي بن زيد $ :
عن الـمـرء لا تَـسَـل وسلْ عن قرينِهِ فـكــلُ قَــــرِينٍ بالـمُـــــقَــــارَنِ يقتـــــدي
وصَاحِب أولِي التقوى تنل من تقاهُمُ ولا تصحب الأردَى فتردَى مع الرَّدِي
« إن صحبة الأشرار سريعة الاشتعال، بطيئة الانقطاع، تورث الخزي في الدنيا قبل الآخرة؛ لأن الإنسان موسوم ٌ بسيما من قارب، ومنسوب إليه أفاعيلُ من صاحب»([3]).
وها هي الدراسات تثبت والواقع يحكي من الذي أوقع المدمنين في براثن المخدرات..؟ ومن أسقط الغافلين والغافلات في أوحال الجنس والموبقات..؟ من الذي دلّهم على سبل الشيطان..؟ ومن أوقعهم في براثن الفسوق والعصيان..؟ إنهم رفقة السوء وصحبة الأشرار.
———————————–
([1]) أخرجه أبو داود (4833)، والترمذي (2378)، وأحمد (2/ 334) عن أبي هريرة ﭬ، وحسنه الألباني.
([2]) أخرجه البخاري (2101)، ومسلم (2628)، عن أبي موسى الأشعري ﭬ.