أسباب الانحراف الخُلقي ومعوقـات الاسـتعفاف | الوسيلة الخامسة: أفلام الفيديو
حيث بدأت تنتشر في السنوات الأخيرة انتشارًا ذريعًا، فقد بلغت نسبة الشباب الذين يقضون أوقات فراغهم بمشاهدة الأفلام الممنوعة 45% عند الذكور الكويتيين و40% عند الإناث وهي نسبة عالية، كما بلغت عند الكويتيين وغير الكويتيين 49% و36% على التوالي([1]).
وتكمن الأخطار الأخلاقية في هذه الظاهرة كما يلي :
- تعدد مصادر تلك الأفلام مما يجعلها تستورد لنا أنماطًا من السلوك والأخلاقيات لشعوب العالم كافة، بل وبشكل واضح الأنماط الانحرافية المتنوعة لتلك الشعوب، حيث إن الغالب في تلك المحلات هي أشرطة الأفلام والقصص الغرامية الأجنبية والعربية.
- سهولة الحصول على أجهزة عرض أشرطة الفيديو حتى أصبح من السهولة لكل مراهق أن يجعل له جهازًا خاصًا في حجرته، فضلاً عن أجهزة الحاسوب الآلي التي تعرض الأفلام على أقراص ممغنطة، وهذه هي علامة الخطر التي ينبغي أن ينتبه لها كل مربٍّ.
- سهولة تداول تلك الأشرطة والأقراص الممغنطة بين الشباب، كما أنه يسهل الاستنساخ عليها وتوسيع دائرة توزيعها، بل زاد توزيعها عن طريق الإنترنت بمواقع خاصة أو بالبريد الإلكتروني.
- صاحبت هذه الظاهرة قضية خطيرة جدًا، وهي الأفلام الجنسية الخليعة التي تعرض العري واللقطات الفاضحة جدًا، والتي تصرع الشباب المراهق صرعًا إذا ما وقع في أسرها، ولنا أن نتصور حال الشاب الذي تملكت عليه شهوته وهو يرى تلك الأفلام فماذا يتوقع منه؟ خصوصًا في الأجواء غير التربوية التي يعيشها، فلا رقابة أسرية جادة، ولا توجيهًا تربويًا ناجحًا، ولا مجتمعًا يشغل أوقاته بما ينفع.
ولعل من الأسباب التي ساعدت على انتشار هذه الأفلام ما يلي :
- غياب الرقابة الفعالة على محلات بيع أفلام الفيديو، مما شجعها على التوسع في جلب الأفلام المثيرة.
- الهدف لغالب تلك المحلات تجاري بحت، مما جعل القائمين عليها لا يهتمون للآثار السلبية لتلك الأفلام مقابل اهتمامهم بالربح المادي ([2]).
- الدعاية الجذابة والإعلانات المثيرة، والتسهيلات الكثيرة التي تجذب الشباب لتلك الأفلام ([3]).
ولإدراك الأبعاد الخطيرة لتلك الظاهرة، لنستعرض ما قاله فئة من الشباب الذين يشاهدون تلك الأفلام الخليعة، وذلك في تحقيق صحفي أجرته جريدة «الأنباء» في 31/ 8/ 1987م :
قال أحدهم: «في إحدى المرات وجدت في مكتبة والدي فيلمًا جنسيًا فأخذته وسجلته وأرجعته إلى مكانه دون أن يعلم أحد.. !
أما بالنسبة لوالدتي فكل همها الفلوس، وهي من النوع الذي يتفاخر بإرسالنا إلى مدارس داخلية في العطلة الصيفية».
وقال آخر: «أما بالنسبة لظروفي الاجتماعية فقد فتحت عيني على الشجار والضرب والصراخ والعنف بين أمي وأبي، والدي مدمن على الخمر، وكل يوم يأتي في منتصف الليل مترنحًا، مما يثير غضب أمي المسكينة التي تخاف علينا وعليه، تريده أن يكون زوجًا وفيــّـًا مخلصًا مهتمًا بأولاده كسائر خلق الله، أما أبي فكل همه السهر والسكر والنساء ».
[ م.س ] يبلغ من العمر 20 عامًا ، يقول : «إن السبب الذي شدني لرؤية الأفلام الممنوعة هو الفراغ الذي أعيش فيه وعدم وجود مكان أقضي فيه وقت فراغي، ومنذ كنت في المرحلة الابتدائية وأنا أعرف «شلة» لا أزال أرتبط معها بصداقة حميمة!
أما بالنسبة لأهلي فهم لا يعرفون إلى أين أذهب؟ وماذا أعمل؟ والدي تاجر وكل وقته يقضيه في عمله، وأمي كل همها «الكشخة والسيارات والديكور»!.
وقال [ب. م] وعمره 17 سنة : «أول مرة شاهدت فيها مثل هذه الأفلام كان منذ سنتين، حيث كنت في زيارة لأحد أصدقائي، وكان في غرفته فيديو فقام بتشغيل فيلم.. وبعدها تعودت على رؤية هذا النوع من الأفلام».
ثم يصف حاله قائلاً:«أسرتي مفككة جدًا، والدي مشغول بتجارته ووالدتي أيضًا كذلك منذ أن فتحت عيني على الدنيا وجدت نفسي في أحضان المربيات([4])والمدارس الداخلية.. والديَّ لا أراهما إلا في المناسبات، والدي لا يعرف عنا شيئًا سوى أننا أولاده فقط، وكل وقته يقضيه في الخارج».
أما الخامس فيلقي بعدًا جديدًا للموضوع فيقول :
«نحن نعيش في ظل حياة مادية بحتة.. الكل يجري فيها وراء المظاهر، وهذا جعلنا نتصرف ونلهو ونعمل ما نشاء، نمارس الخطأ ونحن نعرف أنه خطأ».
إن الأمر لن يقف عند هذا الحد بل سيدفع الشاب إلى إرضاء نزواته بأي وسيلة، ولو أدَّى ذلك إلى الاعتداء على أعراض الآخرين وهذه إحدى النتائج المروعة، فقد ذكر 24.1% من مرتكبي جرائم هتك العرض عام 1976 م في الكويت أنهم شاهدوا عروضًا سينمائية جنسية في أماكن خاصة([5]).
وأخيرًا.. ألا تستحق هذه الظاهرة الخطيرة وقفة جادة من المسؤولين والآباء والأمهات ليوقفوا هذا الوباء الفتاك، الذي أخذ يهلك زهرة المجتمع وفلذات أكبادنا.. ؟
ألا يعلم كل مسؤول في مؤسسات التربية، وأجهزة الإعلام، وأجهزة الرقابة، والأسرة أنه واقف بين يدي الله؛ مسؤول عن انحراف كل شاب وشابة كان هو سببًا لانحرافه، سواء أكان ذلك بسوء نية أم بإهمال أم بسوء تقدير للعواقب؟!
فَـلْـيُـعِــدّ لهذا السؤال جوابًا..!
([1]) دراسة «الشباب في الكويت»، الديوان الأميري.
([2]) ذكر وزير التجارة الكويتي في مقابلة له مع جريدة القبس في52/ 21/ 1988م أنه تم إصدار 200 رخصة لمحلات الفيديو خلال يوم واحد..!
([3]) آخر هذه الصرعات، هي خدمة توصيل أشرطة الفيديو للمنازل مقابل اشتراك شهري مغرٍ .
([4]) لإدراك الأبعاد الأخلاقية الخطيرة لظاهرة الخدم يمكن الرجوع إلى دراسة أجرتها وزارة التخطيط عام 1983 م، وأخرى لوزارة الداخلية عام 1988م.
([5]) دراسة : أثر العوامل الاجتماعية وقانون الجزاء في انتشار جرائم هتك العرض في الكويت .