آثار ارتكاب المعاصي

للمعاصي آثار تظهر على مرتكبها في دنياه وآخرته، على نفسه، وعلى من حوله ، ومنها:

  • حرمان العلم، فإن العلم نور من الله يقذفه في القلب، والمعصية تطفئ نور الله.
  • حرمان الرزق، قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾([1]) .
  • وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله لا توازنها ولا تقارنها لذة، وهذا لا يشعر به إلا من كان قلبه حيًا.
  • الوحشة بينه وبين الناس، فقد قال أحد السلف رحمه الله : « إني لأعصي الله فأرى ذلك في خُلق امرأتي ودابتي».
  • تعسير أموره عليه فلا يجدها إلا موصدة في وجهه.
  • إنها تزرع أمثالها ، وقد قيل: « إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها»، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾ ([2]) .
  • وهو أخطرها: بأن تضعف القلب عن إرادة الخير، فتقوى إرادة المعصية وتضعف إرادة التوبة شيئًا فشيئًا إلى أن تنسلخ من قلبه كليةً، وهـذا من أعظمها خطــورة.
  • ينسلخ من القلب استقباحها فتصير عادة، فلا يسيتقبحها ولا يكرهها بل ويألفها، يستره الله ويأبى إلا أن يجاهر بها أمام الناس، وهذه مرتبة تزيين الباطل لصاحبه وهي من أدنى الدرجات في الضلال، قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِفَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ ([3]).
  • هوان العبد على الله وسقوطه من عينه ، كما قيل: « هانوا عليه فعصوه، ولو عزّوا عليه لعصمهم »، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُمِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾([4]) . فإن المعصية تورث الذلّ ، وإن العزّ يكون بالطاعة، والذلُ يضرب على العبد بالمعصية قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾([5]).

وفي الدعاء: «اللهم أعِـزَّني بطاعتك ، ولا تذلني بمعصيتك». قال عبدالله بن عباس: «إن للحسنة ضياءً في الوجه ونورًا في القلب، وسعة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق. وإن للسيئة اسودادًا، في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق وبغضًا في قلوب الخلق».

رأيت الذنــوب تميت القلــــــــوب         وقـد يـورث الــــذل إدمانهــــا

وترك الذنــوب حياة القلــــــــوب         وخير لنفســـك عصيـانها

هل أفسد الدين إلا الـملوك              وأحبــار ســـــــوء ورهبـــانهــــــا

وقال عزوجل : ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾([6]) .

  • ومنها فساد العقل وإطفاء نوره، قال بعض السلف: «ما عصى الله أحد حتى يصيب عقله»، ومن ذلك قول الكافرين يوم القيامة: ﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُأَوْنَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾([7]) .
  • ومنها أنها إن تكاثرت طبع على قلب صاحبها فكان من الغافلين: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوايَكْسِبُونَ﴾([8]).
  • تحرمه من دعوة الرسول ﷺ ودعوة الملائكة للمؤمنين والتائبين بالرحمة والمغفرة، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوارَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ ([9]) .
  • تدخله في لعنة الرسول ﷺ، فإنه قد لعن من العاصين: آكل الربا، وشارب الخمر، والمخنثين من الرجال، والْـمُـتَرجِّــلات من النساء.
  • ومنها ذهاب الحياء الذي هو مادة حياة القلب، وهو أصل كل خير وذهابه ذهاب كل خير «ومن استحى من الله عند معصيته استحى الله من عقوبته يوم يلقاه، ومن لم يستح من معصيته لم يستح من عقوبته»، كما قال ابن القيم.
  • نسيان الله للعبد وتخليته بينه وبين نفسه وشيطانه، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَوَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍوَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18)وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾([10]) .

وغيرها الكثير، منها:

أنها تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة..

وأنها تعمي بصيرة القلب، و تمحق بركة العمر..

وأنها تبعد عنه الملائكة وتقرب له الشياطين..

وأنها تهلك الإنسان في الدنيا والآخرة بأصناف من العذاب.

عافانا الله من كل ذلك… آمين.

 

—————————————-

 

 

 

 

 

([1]) الشورى: 30 .

([2]) يونس: 27 .

([3]) فاطر: 8 .

([4]) الحج : 18 .

([5]) يونس : 27 .

([6]) فاطر : 10 .

([7]) الـمُلك: 10 .

([8]) الـمُطففين: 14 .

([9]) غافر: 7 .

([10]) الحشر : 18، 19 .