قصة صبر وعفاف

ضرب عبدالملك بن مروان بعثًـا إلى اليمن، فأقاموا سنين حتى إذا كان ذات ليلة وهو بدمشق قال: والله لأعسنَّ الليلة المدينة ( دمشق) ، ولأسمعنّ الناس ماذا يقولون في البعث الذي أغزيت فيه رجالهم، وأغرمتهم أموالهم.
فبينما هو في أزقتها إذ هو بصوت امرأة قائمة تصلـي فتسمَّـع إليها، فلما انصرفت إلى مضجعها قالت: «الله مسيّر النُّجب ومُنزِّل الكتب، ومعطي الرَّغب، أسألك أن ترد لي غائبي، فتكشف به همي وتقر به عيني، وأسألك أن تحكم بيني وبين عبدالملك بن مروان الذي فعل بنا هذا».. ثم أنشدت تقول:
تطاول هـــذا الليل فالعين تدمــع وأرقــنــي حـزن لقلـــبـي موجــع
فبتُّ أقاسي الليل أرعى نجومــــــه وبـــات فـؤادي بالهوى يتقطــــع
إذا ما تذكــــرت الــــذي كان بيننـــا وجدت في فؤادي حســــرة يتصدع
وكــــــــل حـــبيـــب ذاكر لحبيــــبــه يرجى هـواه كــل يــوم ويطمــع
فذا العــــرش فــــــرج من صبابتـــــي فأنت الذي تدعو العباد فيسمــع
دعوتك في السراء والضرِّ دعوةً على حاجة بين الشراسيف تلـذع
فقال عبدالملك لحاجبه: تعرف هذا المنزل؟ قال : نعم، هذا منزل يزيد بن سنان، قال: فما المرأة منه؟ قال: زوجته، فلما أصبح سأل: كم تصبر المرأة عن زواجها قالوا: ستة أشهر.
فهذه المرأة عفيفة لم تجد لها ملـجـأً وملاذًا إلا ربها ومولاها تشكو إليه حاجتها وفراق زوجها عنها، وتستعين على ذلك بالصبر والصلاة والدعاء.