قصة أصحاب الغار

رجل من الثلاثة الذين دخلوا إلى غار، فانحدرت من الجبل صخرة فَسَدَّت عليهم الغار، فقالوا: لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال ذلك الرجل في الحديث المتفق عليه:
«اللهم إنه كانت لي ابنة عمِّ، كانت أحبَّ الناس إليَّ ــ وفي رواية ــ وكنت أحبها كأشدّ مـما يحب الرجال النسـاء، فراودتها عن نفسها فامتنعت مني، حتى ألمّت بها سنة من السنين فجاءتني لعشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت، حتى إذا قدرت عليها ــ وفي رواية ــ فلما قعدت بين رجليها قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فانصرفت عنها وهي أحبّ الناس إلىّ وتركت الذهب الذي أعطيتها. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة » ( ) .
فهذا رجل قد أوشك على مقارفة الفاحشة، ولم يبق بينه وبينها إلا شيء يسير، ولكن الإيمان في قلبه تيقظ بكلمة «اتق الله» فانتبه إلى قبح ما هو مقدم عليه، وتذكر الله فوقه، ينظر إليه، فانتصر الإيمان على الشهوة، وقام عنها وهي أحب الناس إليه.
فيالله.. ما للإيمان من سمو، ورفعة وعزيمة وصلابة ترفع الإنسان من حضيض الشهوة إلى علو العفاف والطاعة والطهارة.