تاريخ الإباحية و إلى أين نحن ذاهبون ؟!
هناك دوما أعوان للشيطان و جنود له من الإنس في المجتمعات الغربية و الشرقية علی حد سواء ، هؤلاء الشياطين يدعون إلی الإباحية ، و يدعون إلی التمرد علی أوامر الله ، و الخروج عن طاعته و يزينون لأوليائهم الباطل ، ليتبعوا طريقهم و لبئس المصير ، هؤلاء يشككون في خطر المواد الإباحية و غالبا ما يدللون على صحة رأيهم الباطل بأن الاباحية موجودة منذ زمن طويل فما الجديد ؟؟!!! فقد وُجدت رسوم إباحية علی الجدران الحجرية بالكهوف القديمة و كذلك رسم الإغريق المنحلون أخلاقيا بالطبع صورا مثلها علی الفخاريات القديمة .
ما يريد أن يوصله هؤلاء لمستمعيهم هو أن الصور و الرسومات الإباحية موجودة منذ أزمنة بعيدة و لم تؤثر بشيء في المجتمع – علی حد زعمهم – لكن أي صاحب عقل سيستطيع إدراك خطورة الإباحية علی الفرد و الأسرة والمجتمع بكل سهولة و بغير مزيد من الجهد .
ثم بالمقارنة بين تلك الأزمنة و زماننا سنجد أن الإباحية حينما اُستبيحت لدی البعض منذ القدم و حتى الآن و تُرك هؤلاء يصنعون ما يحلو لهم عبر تلك الأزمان ماذا حدث ؟
فقد تطور الأمر من رسومات علی اللوحات القديمة و على المزهريات الطينية إلى تيار لانهائي من أشرطة الفيديو التي تصور الأعمال المشينة و الحقيرة على مدار الـ24 ساعة خلال اليوم بكل سهولة علی جهاز محمول .
و لكن ما الذي تغير ؟
مثل معظم التحولات الثقافية الكبيرة، فإن شيئا لم يحدث بين عشية و ضحاها، فالغرب المتحرر من قيود الدين و العفة و الحياء في غالبه كان قبل العام 1953 نوعا ما حاله غير بعدها.
نعم كان هناك انحلال لكن ليس بهذه الصورة البشعة التي نعرفها عنهم الآن
و لكن لماذا العام 1953 ؟
في هذا العام قام شخص أمريكي يدعی هيو بنشر أول نسخة من مجلة إباحية.
سبق نشر تلك المجلة بخمس سنوات نشر كتاب أثار الجدل في المجتمع الأمريكي وقتها لشخص يسمی د.ألفريد تكلم فيه بوقاحة عن الحياة الجنسية و هذا الكاتب كان أول من تكلم علنا عن الجنس بهذا الشكل الذي لم يعهده المجتمع الأمريكي من قبل و لكم أن تتخيلوا لم تلق كتاباته القذرة تلك قبولا لدی الناس و أصبحت كتبه رهينة الأرفف.
استفاد هيو من هذا الاتجاه في مجلته ، لتحقيق أقصى قدر من المبيعات، و بتفكير إبليسي بدأ ينشر مقالات ألفريد إلی جانب الصور الاباحية ، حتی يقدمها و كأنها مقالات علمية لرجل يُقدم علی أنه عالم و بهذا يكسر حاجز الرهبة و الخوف لدی الناس فيزداد الإقبال و تزداد المبيعات فتظهر و كأنها شيء لا يُستحيى منه و بالتدريج اعتاد الناس علی ذلك .
ثم حدث التحول الكبير ، عندما بدأت أجهزة الفيديو في الظهور لمستخدمي الاباحية، و هذا يعني أنه بدلا من الحاجة إلى الذهاب إلى دور السينما خلسة ، كل ما كان عليهم القيام به هو الذهاب لتأجير الأفلام و مشاهدتها .
ثم غير الإنترنت كل شيء
مرة واحدة ظهرت الاباحية على شبكة الإنترنت، و فجأة وجد الإنسان نفسه بضغطات قليلة بأصابعه متصلا بالإنترنت ثم يجد معظم المواد متاحة، و انفجرت صناعة الاباحية على الانترنت.
فبين عامي 1998 و 2007، ارتفع عدد المواقع الإباحية بنسبة مهولة عياذا بالله تخيلوا وصلت إلی 1.800%.
ووفقا لدراسة أجريت عام 2004 عن حركة البحث على الإنترنت في شهر مايو من ذلك العام ،توصلت إلی أن زيارة المواقع الاباحية كانت ثلاث مرات أكثر من جوجل، وياهو، و إم إس إن مجتمعة.
والإباحية للأسف لم تعد من وراء شاشة الكمبيوتر و حسب فالآن الاباحية أصبحت متاحة بشكل أكبر ، و بأسعار معقولة ، و بصورة مجهولة عن أي وقت مضى ، و أكثر الناس في أمريكا قد أصبحوا مدمنين و أصبحت الاباحية هناك نافذة في كل جانب من جوانب حياتهم .لدرجة أن بعض ألعاب الفيديو تحتوي عريا كاملا . و تلصق على ألواح التزحلق على الثلج الصور الإباحية و تسوق للمراهقين ، حتى أصبحت لعب الأطفال أكثر جنسية كذلك ، شيء مقزز و مخيف حقا .
و قد تأثرت البرامج التلفزيونية و الأفلام بأمريكا أيضا ، حيث إن المنتجين و الكتاب يعرضوا المشاهد المشينة للحفاظ على انتباه الجمهور الذي اعتاد على الاباحية.
فبين عامي 1998 و 2005 قد زادت عدد المشاهد الفاحشة على التلفزيون الأمريكي إلی الضعف تقريبا. وفي دراسة أجريت في عام 2004 وعام 2005، أظهرت أن 70٪ من 20 برنامج تليفزيوني غالبا ما يشاهد من قبل المراهقين به محتوى مسيء .
و كلما أصبح المجتمع مشبعا جنسيا، فإن المزيد من صانعي الاباحية يضخون أصعب و أصعب المواد للتأكد من أن مستخدمي الإباحية باقون في حالة استثارة نسأل الله العافية .
كتب الدكتور نورمان دويدج ، في كتابه الأخير ” الدماغ الذي يغير نفسه” [ “ثلاثون عاما مضت” و صانعي الإباحية ينشرون كل ما هو فاضح و حقير و انتشرت الصور الشهوانية و أصبحت الآن تظهر حتى على وسائل الإعلام السائدة طوال اليوم، في كل شيء، بما في ذلك مقدمات البرامج التلفزيونية ، وأشرطة الفيديو ، والمسلسلات التلفزيونية، والإعلانات، وهلم جرا. اليوم، لدى الناس الإنترنت عالي السرعة ، و هو كصنبور معهم طوال 24 ساعة في اليوم. فقد كان منذ زمن ليس ببعيد جهاز كمبيوتر واحد مشترك في كثير من الأحيان لجميع أفراد العائلة فأصبح الآن هناك جهاز كمبيوتر محمول ربما لكل فرد ، بالإضافة إلى الهواتف الذكية ، و مع إطلاق نظارات جوجل، فإنه من الممكن الآن أن يكون لها شاشة بتقنية الإنترنت أمام أعيننا تقريبا كل دقيقة من اليوم فكلما ارتفع توافر الاباحية، زادت آثاره المدمرة على الدماغ و العلاقات و المجتمع ]
كما كتب المعالج جون وودز في الآونة الأخيرة يقول : [ إدمان المواد الإباحية لم يعد مجرد مشكلة خاصة ، بل هو مشكلة صحية عامة “.
هكذا رأينا كيف أن شرع الله إذا نُحي و المنكر لم يُنكر و تُرك استشرى الفساد و انتشر و تحكم و طغى ، و يصعب بعد ذلك ازالته و ازالة آثاره المهلكة ، فلو ضُرب على أيدي العصاة و الفجار و ما تركوهم بدعوى الحرية و التعددية الفكرية و غيرها من الترهات ما وصل العالم إلى ما فيه الآن من ضياع و تفكك و انحلال ، فانظر إليهم الآن يصرخون من ويلات الإباحية .
*فمن الآثار المترتبة على ترك هذه الفريضة فريضة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ***
يقول ماهر السيد : من الأمور التي لا مراء فيها أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا فشا في الأمة وارتفعت راياته تميزت السنة من البدعة، وعرف الحلال من الحرام، وأدرك الناس الواجب والمسنون، والمباح والمكروه، ونشأت الناشئة على المعروف وأَلِفَته، وابتعدت عن المنكر واشمأزت منه، ونُكِّست رايات النفاق، وانزوى أهل الباطل.
والعكس بالعكس: إذا ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعُطِّلت هذه الشعيرة؛ فويلٌ يومئذ للفضيلة من الرذيلة، وويلٌ لأهل الحق من المبطلين، وويلٌ لأهل الصلاح من سفه الجاهلين وتطاول الفاسقين.
1- **ترك الأمر بالمعروف من صفات المنافقين:***
قال تعالى: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ)[التوبة:67].
2- **عموم العقاب:***
إن فشو المنكرات وكثرة الخبث لمنذر بعموم العقاب:
لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال:” نعم، إذا كثر الخبث”.
وقال:”ما من قومٍ يُعمل فيهم بالمعاصي هم أكثر وأعز ممن يعمل بها ثم لا يغيرونه؛ إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب”. [حسنه الألباني في الصحيحة].
3- إن شيوع المنكرات يطفئ جذوة الإيمان؛ فتموت الغيرة على الحرمات، وتسود الفوضى، وتنتشر الجريمة، ويحيق بالقوم مكر الله:
“والذي نفسي بيده! لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليُوشكنَّ الله أن يبعث عليكم عقابًا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم”.[الترمذي. وقال: هذا حديث حسن، وحسنه الألباني].
4- **اللعن والإبعاد من رحمة الله: ***
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)[المائدة:78، 79]
5- **الغرق في أوحال الفاحشة والرذيلة والعقوبة:***
“مثل القائم على حدود الله والواقع فيها؛ كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا”. (البخاري)
وفي قصة أصحاب القرية المذكورة في سورة الأعراف خير شاهد على هذه الحقيقة.
و بالجملة؛ فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام الأمان للأفراد والمجتمعات، كما قال سفيان رحمه الله: “إذا أمرت بالمعروف شددت ظهر المؤمن، وإذا نهيت عن المنكر، أرغمت أنف المنافق”. وإن ترك هذه الشعيرة ضياع للأفراد والمجتمعات. نسأل الله تعالى أن يحفظ بلاد المسلمين من كل سوء.انتهى كلامه
و لكي نثبت خطورة ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و بالأرقام تعالوا نستعرض سويا إحدى الإحصائيات لنرى إلى أين وصل العالم العربي و الإسلامي في متابعة الإباحية نسأل الله العافية ففي عام 2012 و بالإستعانه بأشهر مواقع تحليل زيارات صفحات الأنترنت” أليكسا ” لمعرفة أكثر الدول دخولا الى أحد أشهر المواقع الإباحيه تبين تصدر الولايات المتحده لعدد الزيارات الى هذه المواقع تليها إيران ثم الإمارات ومصر والبحرين والكويت بالمرتبه السابعه تليها قطر بالمركزالعاشر و السعوديه بالمركز الحادي عشر علما بأن هناك رقابه صارمةوحجب للمواقع الإباحيه في كل من الكويت والسعوديه البلد الذي يتصدر قائمة الدول الأكثر حجبا للمواقع .
لما قرأت تلك الإحصائيات تذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم
و هو علم من أعلام نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، يبين فيه صلى الله عليه وسلم حال كثير من هذه الأمة في اتباعهم سبيل غير المؤمنين، ومشابهتهم لأهل الكتاب من اليهود والنصارى حيث جاء في الحديث: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ” [ البخارى]
كناية عن شدة الموافقة لهم في المخالفات والمعاصي لا الكفر،و هو دال على كمال المتابعة. ثم إن هذا خبر معناه النهي عن اتباعهم و عن الالتفات إلى غير الإسلام لأن نوره قد بهر الأنوار وشرعته نسخت الشرائع، وقوله: “حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه” مبالغة في الاتباع لهم، فإذا اقتصروا في الذي ابتدعوه فستقتصرون، وإن بسطوا فستبسطون حتى لو بلغوا إلى غاية لبلغتموها.
والواجب على المسلم أن يلتزم شرع الله تعالى، وأن يتبع سبيل المؤمنين، ويترك مشابهة الكافرين، وأن يعلن الولاء للإسلام وأهله، وأن يتبرأ من الكفر وأهله.
و سبحان الله فقد خص رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم جحر الضب لشدة ضيقه ورداءته كما هو معلوم عنه فطريقهم ضيق و رديء و منتن كما ترون .
فالمسلمون إن لم يأمروا بالمعروف و ينهوا عن المنكر كل بما يستطيع بداية من الحكام و حتى أقل فرد فيهم سنهلك جميعا و ستغرق السفينة و سيعم العقاب تلو العقاب حتى نرجع و نعود و ما إعصار توسينامي منا ببعيد و لعلكم تذكرون ما فعله بدول عدة و خاصة بشواطيء إندونسيسا منذ عدة سنوات كل هذا بسبب المعاصي . و أنت أخي و أنتِ يا أختي و اجبكم كبير تجاه أسرتكم أولا من منع المنكرات في البيوت و مراقبة و متابعة أولادكم ثم المجتمع من حولكم .
و السؤال الآن هل نحن أحسن حالا من الغرب أم ماذا ؟
كنت أتحدث إلى صديق عن هذا الأمر فقلت له نحن أحسن حالا من الغرب بالنسبة لانتشار الإباحية ، فقال لي : كيف و نحن مسلمون ؟؟؟!!! فعندما نقارن مجتمعا من المفترض أنه يطبق تعاليم دينه الإسلامي و مجتمع آخر علماني ليبرالي فالوضع في المجتمعات الإسلامية حينئذ يجب أن يكون أحسن من ذلك بكثير بل إننا للأسف أسوأ حينما نضع اعتبار كوننا مسلمين قلت له : صدقت ، و نسأل الله السلامة و العافية .